“المؤرخ محمد منصور… مدرس التاريخ ورحلة الكفاح والإصرار”
في مدينة المحلة الكبرى، تلك المدينة العريقة التي لا تنضب من الكفاءات والمواهب، وُلد المؤرخ ومدرس التاريخ محمد منصور، ليكتب لنفسه سطرًا مميزًا في سجل المجتهدين الذين صنعوا مجدهم بالإصرار والكفاح. من بين الأزقة الشعبية، ومن قلب مجتمع يؤمن بقيمة التعليم، بدأ محمد منصور رحلته الطويلة مع المعرفة والعلم، متحديًا الظروف، ومصممًا على أن يكون لصوته صدى في عقول الأجيال.
منذ صغره، كان شغوفًا بالتاريخ والجغرافيا وكان يحب تطوير نفسه في المعالم الجغرافية ، لا يقرأه فقط كمادة دراسية، بل كتجربة إنسانية ثرية، مليئة بالعبر والدروس. لم يكن من أولئك الذين يحفظون التواريخ فقط، بل من الذين يغوصون في أعماق الأحداث ليفهموا خلفياتها ودوافعها، ويستخرجوا منها الحكمة. هذا الشغف دفعه لاختيار كلية الآداب، قسم التاريخ، ليتخصص في المجال الذي أحبّه منذ نعومة أظافره.
لم تكن رحلته الأكاديمية سهلة؛ فقد واجه صعوبات مادية واجتماعية، لكنه لم يسمح لها أن تكون عائقًا. كان يعمل في أوقات فراغه ليسد احتياجاته، ويواصل دراسته بتفوق لافت. حتى بعد تخرجه، ظل يحمل الحلم الأكبر: أن يكون معلمًا ملهمًا لا مجرد ناقل للمعلومات.
كان لأسلوبه المميز في تبسيط المعلومة وتحفيز الطلاب تأثير واضح. لم يكن يشرح التاريخ فقط، بل كان يجعله ينبض بالحياة، مستخدمًا الحكايات، وربط الماضي بالحاضر، ليجعل من درسه تجربة لا تُنسى.
إلى جانب التدريس، اهتم محمد منصور بالبحث والتأليف، فبدأ في توثيق بعض الأحداث التاريخية المحلية، ونشر مقالات تثقيفية تسلط الضوء على شخصيات منسية من تاريخ المدينة. تحوّل من معلم داخل الفصل، إلى مؤرخ يسعى لحفظ ذاكرة وطنه، ويزرع في نفوس طلابه حب الانتماء.
قصة محمد منصور ليست مجرد سيرة شخصية، بل نموذج لكل شاب يؤمن بأن العلم والعمل هما الطريق الحقيقي لصناعة الذات. في زمن يميل البعض فيه إلى الطرق السهلة، يثبت لنا هذا المدرس المحلاوي أن الكفاح لا يزال له معنى، وأن الإصرار يفتح الأبواب المغلقة.
تحية تقدير لكل من يشبه محمد منصور، ولكل من جعل من مهنته رسالة، ومن حلمه طريقًا لا يتوقف.
