أخبار العالم

عبدالله شلبي يكتب: بين المظهر والجوهر.. الدين أكبر من أن يُختزل في “تريند” عابر

سطحية التدين في زمن السوشيال ميديا


بقلم: عبدالله شلبي


في زمنٍ تحكمه “اللايكات” ويصنعه “التريند”، صار الدين عند بعض الناس مجرّد صورة مُنمّقة، أو مقطع فيديو قصير يُحصد به الإعجاب، لا أكثر. نرى من يُتقن انتقاء الآيات والأحاديث ليُزيّن بها صفحته، بينما سلوكه اليومي يكذّب كل ما ينشره. أصبحنا أمام سطحية تدين لا تمت لجوهر الدين بصلة، دينٌ تحوّل عند البعض إلى “محتوى” يُستهلك بدلا من أن يكون منهج حياة.

الدين لم يُنزل ليكون زينة كلام، ولا ليُختزل في مقطع على “تيك توك” أو صورة على “إنستجرام” ، بل هو سلوك وأخلاق ومواقف الرسول ﷺ الذي نحتفل بمولده اليوم ونرفع اسمه في كل مكان، قال عنه ربّه: “وإنك لعلى خلق عظيم”، 


السطحية في التدين أخطر من غياب التدين ذاته، لأنها تعطي صورة زائفة عن الإسلام، وتُدخل الناس في وهم أن الدين مجرّد شكل أو شعارات، بينما الحقيقة أن الدين هو الصدق في المعاملة، والأمانة في الكلمة، والرحمة بالضعيف، والإحسان في العمل. وحسن الخلق.

وللأسف، هذه السطحية صنعت جيلًا يعيش على “التمثيل الديني”، يرفع شعار الورع على الشاشة بينما يغش في البيع والشراء، يُكثر من نشر الأذكار بينما يسيء بلسانه للناس. وهنا تتجلّى الكارثة: انفصال الدين عن الحياة.

المطلوب اليوم أن نعيد للدين هيبته في القلوب قبل الصفحات، أن نعيش مع القرآن لا أن نُزيّن به “البروفايل”، أن نتخلق بأخلاق النبي ﷺ بدل أن نكتفي بالإنشاد عنه. التدين الحقيقي ليس ما يظهر على الشاشات، بل ما يظهر في الخفاء، في لحظة صدق مع الله لا يراها أحد.

لقد آن الأوان أن ندرك أن الدين ليس زينة نعلّقها على جدران صفحاتنا، بل حياة تُترجم في كل كلمة وفعل. فالقيمة الحقيقية للتدين لا تُقاس بعدد “الإعجابات” ولا بتداول المقاطع، وإنما بما يتركه الإيمان في سلوك صاحبه من صدق وأمانة ورحمة وعدل.

الدين لا يحتاج إلى مؤثرين جدد بقدر ما يحتاج إلى صادقين يُجسّدون معانيه، يعيشون رسالته لا يبيعونها، ويجعلون من أخلاق النبي ﷺ مرآة لأفعالهم قبل أن تكون عناوين لحساباتهم.

حين يعود الدين ليكون حياة لا عرضًا، ومنهجًا لا شعارات، عندها فقط يمكن أن نقول إن الأمة عرفت طريقها من جديد ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى