حين يُخذل القلب الذي صدّق!

بقلم غدير أبوخزيم
عدم الثقة بعد الأمان!
الثقة لا تُمنح بسهولة، بل تُبنى على مواقف، على تفاصيل صغيرة، على شعور داخلي بالراحة والاطمئنان. وعندما نشعر بالأمان مع شخص ما، نسمح لأنفسنا بأن نهدأ، بأن نكون نحن، بلا أقنعة ولا دفاعات. لكنّ أقسى ما قد يمر به الإنسان، هو أن يفقد هذه الثقة في من ظنّ يوماً أنه ملجأه.
عدم الثقة بعد الأمان لا يأتي فجأة. بل يبدأ من شرخ صغير، من تصرف مربك، من كلمة لا تشبه من نحب، من لحظة تردّد. يكبر ذلك الشعور حتى يتحوّل إلى خوف دائم، وريبة لا تهدأ، وتساؤلات لا تنتهي: “هل ما زال كما كان؟ هل كنت أتوهم؟ هل أنا المخطئ أم الحقيقة هي التي تغيرت؟”
الأمان حين يُخذل، يترك فراغاً لا يملؤه شيء. لأننا لا نخسر فقط شخصاً، بل نخسر معه ذلك الجزء فينا الذي كان يثق، يصدق، ويطمئن. نصبح أكثر صمتاً، أكثر تحفظاً، أقل حماسة للحديث، وأقل رغبة في كشف قلوبنا من جديد.
لحين يُخذل القلب الذي صدّقكننا، رغم كل هذا، لا يجب أن نفقد الثقة في أنفسنا. من جُرح بعد الأمان، لم يكن ساذجاً، بل كان نقياً. من أعطى الثقة ثم انكسر، لم يكن غبياً، بل كان مؤمناً بالخير. والمهم الآن، ليس أن نمنع أنفسنا من الحب، بل أن نحب بوعي. أن نضع حدوداً تحمينا دون أن تبنينا سجناً، وأن نعرف من يستحق أن نمنحه باباً نحو أرواحنا، ومن لا يليق حتى بالعتبة.