مشاهير

أيمن شاكر يكتب : الحب ليس أن تُعطيها جزءاً من قلبك ، بل أن تمنحها كل قلوبك .. في قلبٍ واحد

بقلم الكاتب الصحفى أيمن شاكر
نائب رئيس قسم الأدب ✍🏻

الحب كلمةٌ تُختزلُ غالبًا في صورةٍ واحدة : نظراتٌ متلاقية ، وقلوبٌ تذوب في شوق ، ووعودٌ تُنثر كالورود . لكن الحقيقة الأعمق تكمن في أن الحب ليس مجرد مشاعر عابرة تُختزل في الحبيب ، بل هو هندسةٌ معقدةٌ تُبنى من طبقاتٍ متشابكة ، كالكون الذي يحوي مجراتٍ لا تُحصى. فالحب الحقيقي ليس أن تكون ” حبيبًا ” فحسب ، بل أن تتحول إلى كائنٍ متعدد الأوجه : أخًا يَخاف عليها من عواصف الحياة ، وصديقًا يزرع الضحكات في مساحات ألمها ، وأبًا يحمل سيف الحماية حتى عندما لا ترى هي الخطر القادم.

الوجه الأول : الحب .. عندما تصبح أخاً تخاف على قلبها
الخوف هنا ليس ضعفًا ، بل لغةٌ أخرى من لغات الاهتمام . فالأخ الحقيقي لا يخشى عليها من الناس فقط ، بل من ذاتها أحيانًا ، من هزائمها الداخلية ، ومن لحظات انكسارها التي قد تخفيها خلف ابتسامة . الحب هنا يصبح مرآةً تعكس لها نقاط ضعفها دون أن تحطمها ، وسندًا يمنعها من السقوط في حفر الماضي .
تخيل أن تحب شخصًا لدرجة أن تتحول إلى حارسٍ لذكرياتها الجميلة ، وتنقيها من سموم أيامها الصعبة ، هذه هي الأخوة التي تُبنى ليس برابطة الدم ، بل برابطة الروح.

الوجه الثاني : الحب .. ضحكةٌ تُطفئ نيران الوحدة
كم من علاقاتٍ ماتت لأنها تحولت إلى طقسٍ جادٍ بلا روح ؟
الحب الذي يخلو من صداقة يشبه حديقةً بلا أزهار . الصديق هنا ليس من يشاركها اللحظات السعيدة فقط ، بل من يبحث عن ضحكتها حتى في الأيام العاصفة. أن تكون ” صديقًا ” في الحب يعني أن تزرع الفكاهة في تفاصيلها اليومية ، أن تحول دموعها إلى قطرات مطرٍ تروي أرضًا قاحلة. الضحك معًا هو السلاح السري الذي يحمي الحب من الصدأ ، لأنه يذكرها دائمًا أن الحياة معك ليست سلسلة من التحديات ، بل مغامرةٌ ممتعة.

الوجه الثالث : الحب .. حمايةٌ لا تُعلن عن نفسها

الأبوة في الحب ليست سلطةً أو هيمنة ، بل هي مسؤوليةٌ مقدسة. أن تكون ” أبًا ” يعني أن تحمل همومها قبل أن تثقل كاهلها ، أن تبني لها سورًا من الطمأنينة حتى لو اضطررت إلى التخفي خلف صمتك . فالحماية هنا لا تعني حرمانها من خوض معاركها ، بل أن تكون حصنًا تعود إليه بعد كل معركة . الأب الحقيقي في الحب هو من يرى جراحها المخفية فيُضمدها دون أن تطلب ، ويُذكّرها بأنها تستحق كل أمانٍ حتى لو توقفت عن تصديق ذلك.

فيا أيها القارئ الجميل ، لماذا نحتاج إلى كل هذه الأوجه ؟
لأن الإنسان كائنٌ معقدٌ بفطرته ، يحتاج إلى أن يُحَب بتعدديةٍ تلامس كل جزء فيه .
فالحبيب الذي يقتصر على دورٍ واحد يشبه ماءً يروي جزءًا من جسدٍ عطشان ، بينما باقي الأعضاء تذبل . الحب الناضج هو الذي يرفض الاختصار ، ويصر على أن يكون مزيجًا من المشاعر التي تتكامل : الحميمية ، والصداقة ، والأبوة ، والأخوة .
هذه الطبقات لا تتناقض ، بل تشبه ألوان الطيف التي تلتقي لترسم قوس قزحٍ يزين سماء العلاقة بعد كل عاصفة .

وختاماً : الحب .. رحلةٌ لا تكتمل إلا بكل الأقدام

في النهاية ، الحب ليس مجرد شعورٍ نعيشه ، بل هو قرارٌ نصنعه كل يوم . قرارٌ بأن نكون أكثر من دورٍ واحد ، بأن نرتدي أرديةً مختلفة حسبما تحتاج قلوب من نحب . قد تكون هذه الأردية ثقيلة أحيانًا ، لكنها الثمن الذي ندفعه مقابل أن نرى ابتسامةً تُزهر على شفاههم . فإذا كان الحب يُقاس بعمق أثره ، فلتكن حبيبًا ، وصديقًا ، وأخًا ، وأبًا .. لتكون بذلك قد منحتها كونًا كاملًا تستطيع أن تعيش فيه بلا خوف .

” فالحب ليس أن تُعطيها جزءاً من قلبك ، بل أن تمنحها كل قلوبك .. في قلبٍ واحد ” ❤

سنلتقى إن كان فى العمر بقيه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى