أيمن شاكر يكتب : الشرق الأوسط على حافة الهاوية : ضربات إسرائيل الجريئة وإيران بين الصدمة والثأر

بقلم الكاتب الصحفى أيمن شاكر
نائب رئيس قسم الأدب ✍🏻
في لحظة تُختزل فيها كل تناقضات الشرق الأوسط، يشهد الإقليم منعطفًا تاريخيًا قد يُعيد رسم خريطة القوى والنفوذ. الضربات الإسرائيلية الأخيرة داخل العمق الإيراني لم تكن مجرد غارة عسكرية، بل زلزالًا سياسيًا هز أركان “محور المقاومة”، وفتح الباب أمام سيناريوهات مروعة من المواجهة المباشرة. المنطقة، التي أنهكها صراع الوكالات وحروب النفوذ، تقف الآن أمام اختبار وجودي: إما الانزلاق إلى حرب شاملة، أو البحث عن مخرج من نفق الدماء الطويل.
فجر الجمعة، لم تكن الانفجارات التي هزت طهران ومحافظات إيرانية أخرى مجرد هجوم عابر، بل كانت إعلانًا صريحًا بنهاية عصر “المواجهة بالوكالة”. إسرائيل، بقيادة نتنياهو وغالانت، نفذت ضربة دقيقة استهدفت منشآت عسكرية حيوية، بل وتخطتها إلى اغتيال قيادات بارزة في الحرس الثوري، بما في ذلك أسماء شكلت عمودًا فقريًا للمشروع الإيراني الإقليمي.
هذه ليست مجرد عملية انتقامية، بل رسالة واضحة: “القواعد القديمة انتهت”. إسرائيل، التي ظلت لعقود تعمل في الظل عبر عمليات الموساد، اختارت هذه المرة المواجهة العلنية، وكأنها تقول لإيران وحلفائها: “لا حصانة لأحد”. اغتيال شخصيات مثل إسماعيل هنية في طهران أو حسن نصر الله في بيروت (حسب تقارير غير مؤكدة) يُظهر استراتيجية جديدة تهدف إلى تفكيك شبكة النفوذ الإيراني من القمة إلى القاعدة.
– إيران : بين خطاب الثأر وعجز المواجهة
في طهران، حاول النظام الإيراني التقليل من الضربة، واصفًا إياها بـ”الفاشلة”، لكن الصورة على الأرض كانت أكثر قتامة. خسائر بشرية في صفوف القيادات العسكرية، وتدمير منشآت حساسة، وموجة غضب شعبي تهدد بزعزعة شرعية النظام. تصريحات المرشد خامنئي بــ”رد ساحق” تبدو كصرخة يائسة لاستعادة الهيبة، لكن السؤال الذي يطن في أروقة السياسة العالمية : هل تملك إيران بالفعل القدرة على الردو؟
التاريخ يشير إلى أن طهران تفضل الحرب بالوكالة، لكن الضربة الإسرائيلية هذه المرة وضعتها أمام خيارين أحلاهما مر: إما الرد المباشر والمخاطرة بحرب مفتوحة، أو التهديد واللجوء إلى أدوات غير تقليدية (مثل الهجمات السيبرانية أو استهداف المصالح الإسرائيلية في أفريقيا وآسيا). في كلا الحالتين، الشرق الأوسط يدخل عصرًا من عدم الاستقرار قد يكون الأكثر خطورة منذ حرب الخليج.
– السياق الدولي : صمت القوى العظمى وصوت البندقية
المفارقة الأكثر إيلامًا هي غياب أي دور فاعل للقوى الدولية. أمريكا، رغم خطابات “ضبط النفس”، منحت إسرائيل الضوء الأخضر ضمنيًا. روسيا والصين، المنشغلتان بأجنداتهما الجيوسياسية، تقفان على الهامش. والأمم المتحدة، المنظمة التي يفترض أن تكون حَكَمًا دوليًا، تبدو عاجزة كعادتها. العالم يشهد باردًا انزلاق الإقليم نحو الهاوية، وكأن درس العراق وسوريا وليبيا لم يكن كافيًا.
– مصر : واحة الحكمة في صحراء الفوضى
وسط هذا العبث كله، تبرز مصر كـ”صمام أمان” وحيد. بسياسة الحياد الإيجابي ورفض الانجرار إلى صراعات الجيران، تثبت القاهرة مرة أخرى أنها حصن الاستقرار في إقليم يغرق في الفوضى. بينما تتقاتل إسرائيل وإيران على النفوذ، تذكرنا مصر بأن السلام ليس خيارًا مثاليًا، بل ضرورة وجودية.
– وختاماً .. هل من مُنقذ قبل فوات الأوان ؟
الشرق الأوسط يقف عند حافة الهاوية. الضربات الإسرائيلية جرحت كبرياء إيران، ودفعت المنطقة إلى حرب قد لا يكون فيها منتصرون، فقط ضحايا.
السؤال الآن : هل سيتدخل أحد لوقف هذا الجنون، أم أن العالم سيتفرج مرة أخرى بينما يحترق الإقليم ؟
في النهاية ، تبقى كلمة الحق تُقال : السلام ليس شعارًا ، بل هو الخيط الوحيد الذي قد يمنع سقوط الجميع في الهاوية .. وعلى مصر ، قلب العروبة النابض ، أن تظل شمعة في هذا الظلام ، لأنها آخر ما تبقى من أمل في إقليم فقد كل شيء .. إلا الألم .
حفظ الله مصر وقيادتها وشعبها العظيم
سنلتقى إن كان فى العمر بقيه