إنجاز طبي مصري-هندي غير مسبوق… تسجيل كهربي عميق للمخ يفتح باب عصر جديد في تشخيص وجراحات الصرع في المنطقة

إنجاز طبي مصري-هندي غير مسبوق… تسجيل كهربي عميق للمخ يفتح باب عصر جديد في تشخيص وجراحات الصرع في المنطقة
في خطوة تُعد طفرة علمية وجراحية غير مسبوقة في مصر وأفريقيا، أعلنت جمعية أطفال مصر لمقاومة الصرع (ECSE) عن نجاح إجراء أول عملية تسجيل كهربي عميق للمخ (Stereo-EEG) داخل مصر، وذلك خلال أسبوع علمي وتدريبي مكثف نظمته الجمعية بالتعاون مع مستشفى ريلا الهندي، أحد أهم المراكز العالمية في جراحات الصرع والاضطرابات الوظيفية للمخ.
وشهد الأسبوع العلمي – الذي احتضنته أكاديمية الأميرة فاطمة للتعليم الطبي المهني خلال نوفمبر 2025 – مشاركة أكثر من 200 خبير وأستاذ من مصر والهند وليبيا ودول الخليج. وأجمع المشاركون على أن إدخال تقنية التسجيل العميق للمخ إلى مصر يمثل نقلة نوعية كبرى في قدرات تشخيص وعلاج الصرع المقاوم للأدوية، خاصة أنها تُعد ذروة ما وصلت إليه التكنولوجيا الحديثة في أشهر المراكز الأوروبية والأمريكية.
مركز إقليمي جديد لعلاج الصرع
أكد الدكتور محسن القيعي، أستاذ طب مخ وأعصاب الأطفال بجامعة الأزهر ورئيس الأسبوع العلمي، أن الهدف الأكبر هو أن يحصل الأطفال والشباب المصابون بالصرع المقاوم للأدوية على خدمة تشخيص وعلاج متقدمة داخل مصر دون الحاجة للسفر للخارج، مشيرًا إلى العمل على تأسيس مركز مصري-عربي معتمد دوليًا في هذا التخصص.
وقدّم القيعي الشكر للفريق المصري ولخبراء مستشفى ريلا الهندي على تعاونهم الفعّال، داعيًا الجهات المعنية إلى دعم برامج التدريب وبناء القدرات لضمان استمرار هذا الإنجاز كخدمة طبية مستدامة.
برنامج زمالة مصرية-هندية
وكشف القيعي عن الإعداد لبرنامج زمالة إكلينيكية لمدة عام بالتعاون مع مستشفى ريلا، يستهدف تنفيذ 10–15 عملية sEEG وجراحات صرع معقدة سنويًا، مع نقل الخبرات الكاملة للأطباء المصريين في اختيار الحالات، والتخطيط الجراحي، وزرع الأقطاب، وتحليل التسجيلات، إضافة إلى تطوير مهارات علاج أورام الوطاء بالتردد الحراري.
ثمرة سنوات من البناء
من جانبه، أوضح الدكتور أحمد القيعي، عضو اللجنة المنسقة، أن هذا الإنجاز يعكس سنوات من الجهد في بناء فرق مصرية متخصصة، مؤكدًا أن الهدف ليس مجرد تنفيذ عملية واحدة، بل تأسيس برنامج وطني متكامل بمستوى المراكز المصنفة عالميًا كـ Centers of Excellence – Level 4 وفق تصنيف ILAE.
وشهد الأسبوع المصري-الهندي حضور نخبة من أساتذة الأعصاب وجراحي المخ والعناية المركزة، إلى جانب فريق هندي متكامل من خبراء الصرع والجراحة والفسيولوجيا العصبية. وتضمّن البرنامج مناقشات متعددة التخصصات، ومحاضرات متقدمة، وورش عمل تطبيقية على أحدث تقنيات التخطيط الجراحي والملاحة، إضافة إلى بث مباشر من غرف العمليات.
دقة مليمترية… وأمل جديد للمرضى
وأوضح الدكتور ناتيشان داموداران، جرّاح أعصاب في مستشفى ريلا والمشرف الجراحي على البرنامج، أن تقنية sEEG توفر دقة مليمترية في تحديد البؤر الصرعية، حتى في الحالات التي تفشل فيها الفحوصات التقليدية، مشيدًا بقدرة الفريق المصري على استيعاب التكنولوجيا المتقدمة خلال فترة زمنية قياسية.
كما أكد الدكتور دينيش نايك، أحد أبرز رواد جراحات الصرع في آسيا، أن ما شاهده من التزام علمي وحماس لدى الأطباء المصريين يجعل مصر مرشحة بقوة لتصبح مركزًا إقليميًا رائدًا في هذا المجال.
أول حالة… طفلة خمس سنوات
وذكر الدكتور أحمد سعيد، عضو اللجنة المنسقة، أن أول حالة خضعت لزرع أقطاب sEEG في مصر كانت لطفلة تبلغ خمس سنوات تعاني من بؤرة صرعية عميقة في الفص الجبهي، لم تظهر بوضوح في فحوصات الرنين أو رسم المخ التقليدي. وقد ساعد التسجيل العميق في تحديد نقطة بدء النوبات بدقة، ووضع خطة جراحية آمنة تحافظ على وظائف الطفلة الحركية واللغوية.
تدريب متكامل وتقنيات ذكاء اصطناعي
وأشار الدكتور أحمد نصار إلى أن البرنامج شمل تدريبًا مكثفًا على تفسير التسجيلات المعمقة، والتعامل مع المرضى في وحدات العناية المركزة العصبية، واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة مثل تحليل صور الرنين (MELD) وتحديد مصادر النشاط الكهربي (ESI)، ما يضع مصر ضمن البرامج المتطورة عالميًا في هذا المجال.
تكامل مصري-هندي
وأشاد الدكتور علاء رشاد، أستاذ جراحة المخ والأعصاب وعضو اللجنة التنظيمية، بروح العمل المشترك بين الفريقين المصري والهندي، مؤكدًا أن التكامل العلمي والجراحي بين الجانبين هو العامل الأبرز في إنجاح هذه الخطوة التاريخية.




