استرداد الأموال المحوّلة بالخطأ في مصر: بين القانون الجنائي والمدني
استرداد الأموال المحوّلة بالخطأ في مصر: بين القانون الجنائي والمدني

تواجه مصر، مع تزايد استخدام الحسابات البنكية والمحافظ الإلكترونية، حالات متكررة لتحويل الأموال بالخطأ، سواء بسبب خطأ بشري أو خلل تقني. ورغم أن هذه الأخطاء قد تبدو بسيطة، فإن القانون المصري يفرض آليات واضحة لاسترداد الأموال وحماية حقوق المرسلين.
المسؤولية الجنائية للأموال المحوّلة بالخطأ
تتناول المادة 321 مكرّر من قانون العقوبات المصري هذه الحالات بشكل واضح، حيث تعتبر الاستيلاء على مال تم الحصول عليه بالخطأ مع نية التملك وعدم إرجاعه جريمة جنائية. ويعاقب القانون كل من امتنع عن إعادة المال المحوّل إليه أو أنكره أو استخدمه لنفسه، بالحبس حتى سنتين، وغرامة تصل إلى 200 جنيه، أو إحدى هاتين العقوبتين.
تطبق هذه المادة عندما يتم التأكد من تحويل الأموال بالخطأ، ووصولها إلى الشخص المستفيد، ومطالبة المرسل بردها، ثم امتناع المستفيد عن إعادة المال. وتزيد العقوبة إذا كان المبلغ كبيرًا أو رافق الحادث نية احتيالية مثل إعادة المال لطرف ثالث أو صرفه.
عادةً ما تبدأ الإجراءات بتقديم بلاغ رسمي في قسم الشرطة، يشمل بيانات التحويل أو رقم الحساب أو المحفظة. بعد ذلك، تتولى السلطات التحقيق، واستدعاء المستفيد وإثبات وصول الأموال، مما يضغط عليه لإعادة المبلغ قبل اتخاذ أي إجراءات جنائية إضافية.
دعوى الإثراء بلا سبب: الحل المدني لاسترداد الأموال
إلى جانب الجانب الجنائي، يوفر القانون المدني المصري وسيلة لاسترداد الأموال من خلال دعوى الإثراء بلا سبب. هذه الدعوى تُرفع عندما يستفيد شخص من مال ليس من حقه، ويتعرض المرسل لضرر مالي نتيجة التحويل الخطأ.
تعد هذه الدعوى مناسبة في الحالات التي لا يرغب فيها المرسل بالتصعيد الجنائي، أو عندما يكون المستفيد متعاونًا لكنه يتأخر في إعادة المال. وتشترط الدعوى توافر ثلاثة عناصر: إثراء المستفيد، افتقار المرسل، وغياب سبب قانوني لهذا الإثراء. وعند قبول الدعوى، تلزم المحكمة المستفيد برد المال، وقد تشمل الحكم فوائد قانونية أو تعويض عن التأخير.
التكامل بين المسارين الجنائي والمدني
في الممارسة القانونية، غالبًا ما يُستخدم المساران معًا لضمان استرداد الأموال بسرعة وأمان. المسار الجنائي يخلق ضغطًا على المستفيد لإعادة المال فورًا، بينما يضمن المسار المدني حق المتضرر الكامل واسترداد كامل المبلغ، مع التعويض عن أي تأخير أو خسائر.
هذا التوازن بين الإجراءات الجنائية والمدنية يعكس حرص القانون المصري على حماية الحقوق المالية، خصوصًا في عالم المعاملات الإلكترونية الذي يزداد فيه الاعتماد على التحويلات الفورية بين الأفراد والشركات
الخلاصة
توضح التجربة العملية أن القانون المصري يوفر آليات فعّالة لاسترداد الأموال المحوّلة بالخطأ. المادة 321 مكرّر من قانون العقوبات تفرض عقوبات على من يمتنع عن إعادة المال، فيما تتيح دعوى الإثراء بلا سبب وسيلة مدنية لاسترداد الأموال مع التعويض. ومع انتشار المعاملات المالية الرقمية، أصبح الوعي بهذه القوانين ضرورة لكل من الأفراد والشركات لضمان حماية أموالهم وحقوقهم القانونية






