
كتب / محمود دياب
يظل الرئيس السادات فى ذاكرة التاريخ، واحدًا من أبرز الشخصيات البارزة، وانتصر على خصومه حيًا وميتًا، ولم يخضع لأى ابتزاز لإيمانه باقتناص الفرص وليس إضاعتها.لم يدخل السادات الحرب مُغامرًا، ولكن ليحقق السلام لشعبه، وأقدم بقلب فولاذى على إبرام معاهدة السلام التى هى ثمرة الانتصار، واستردت مصر أرضها واستعادت كرامتها وكبرياءها الوطنى، وحققت سلام الشُرفاء.انتصر السادات حيًا على خصومه الذين شككوا فى قدراته ورؤيته السياسية، واستطاع بمُعداته البسيطة وقراراته الجريئة، أن يعيد للجيش المصرى هيبته فى حرب أكتوبر المجيدة، وأن يسجل نقطة فاصلة فى تاريخ الصراع العربى الإسرائيلى.واعترف الخصوم بعد رحيله: «ليتنا لحقنا بطائرة السادات» فى رحلته لتحقيق السلام، وتَبَيَّن للجميع أنه كان يرى ما لا يراه الآخرون، وسابقًا لعصره، وأن السلام خيار استراتيجى لعلاقات قوية على أساس من الاحترام المتبادل.لم يتوقع أحد فى زمانه أن ما فعله سيحظى بالاعتراف والتقدير بعد سنوات طويلة على رحيله، برؤيته الثاقبة، وقراراته التى كانت الأساس الذى قام عليه الاستقرار فى المنطقة، ووقف شامخًا أمام الاتهامات، ليبقى اسمه خالدًا فى ذاكرة الأمة والعالم.كان البعض يُراهن على أن إسرائيل لن تنسحب من شبر من سيناء، مثلما تفعل فى غيرها من الأراضى المحتلة.. مماطلات لا تنتهى ومحاولات مستمرة لتوسيع مساحة المستوطنات، والتهام ما يمكن التهامه من أراضٍ، ولكنها لم تهنأ بالراحة لحظة واحدة، وأدار السادات المعارك العسكرية والدبلوماسية بحنكة بالغة.ونحن نحتفل بذكرى تحرير سيناء، نُعيد قراءة الواقع ونقول إن مصائبنا تكون أحيانًا من صُنع أيدينا، وإن الصراع مع إسرائيل ليس معركة سلاح فقط، بل معركة وعى ووجود ومعركة والنفس الطويل، وهكذا كان السادات.غزة الآن تُذكِّرنا أن ما نعيشه ليس أزمة عابرة بل اختبارًا للثوابت، وفهم دقيق لتعقيدات الصراع العربى الإسرائيلى، وإدراك واضح للمسئولية التاريخية والقومية، وموقف مصر من القضية الفلسطينية لم يكن يومًا موضع مساومة، بل التزام راسخ لا يتغير.من قلب محنة غزة، تدفع مصر بحقائقها الدبلوماسية، لوقف إطلاق النار وإنقاذ القضية الفلسطينية من الضياع، وتخوض حربًا سياسية أصعب من أى معركة عسكرية وعلى جبهات إنسانية.تقود القاهرة موقفًا عربيًا لا يُهادن، بإدانة الجرائم لا الصمت عليها، ويدفع نحو إعمار لا اقتلاع، وبقاء لا تبديد، ومع شركائها فى الوساطة، تطرق أبوابًا موصدة منذ سنوات، ربما فيها مُتسعًا لإنقاذ الأرواح.ما تشهده غزة اليوم يعيد إلى الواجهة أهمية النهج السياسى الذى تَبنّاه السادات، ويقوم على الجمع بين القوة والواقعية، وبين الثبات على الحقوق ومرونة التكتيك، ونستحضر بطولة السادات وبصيرته السياسية، ونؤكد أن الثبات على المبادئ والقدرة على اتخاذ القرار الصعب فى التوقيت المناسب، هما ما يصنعان الفارق فى مصير الدول والشعوب.وتبقى مصر دولة تحترم التزاماتها وتتمسك بثوابتها، وتتحرك من منطلق مسئولية لا تعرف المزايدة، بل تؤمن بأن الحل العادل والشامل هو وحده القادر على إنهاء دوامة الدم، وفتح الطريق نحو شرق أوسط أكثر استقرارًا وإنسانية.ما يحدث الان يشبة بالصراعات تتمثل في مثل شعبي مصري اصيل عندما قيل النار أمسكت بالدار المجاور لي لما الحق اطفيها قبل ما تمسكي في داري يجب عليك إخماد الحريق في الدول المجاورة قبل أن تطول دولتكم ايها العرب