البطولة الفلسطينية : إرادة لا تُقهَر في وجه العاصفة

بقلم : أيمن شاكر
نائب رئيس قسم الأدب
في زمنٍ تُقاس فيه القوة بالحديد والنار ، تبقى إرادة الشعوب هي السلاح الأقوى . فتحت سُحب الدخان وقصف المدافع ، تكتب المقاومة الفلسطينية ملحمةً تُذهِل العالم : كيف لشعبٍ مُحاصَر أن يصمدَ بوجه أعتى الجيوش ؟
كيف لقلوبٍ تعرّت من كل شيء إلا الإيمان أن تصنع النصر من رحم اليأس ؟
إنها قصة لم تُدوَّن فقط بالدم ، بل بالإصرار الذي حوّل الحجارة إلى سهام ، والأنقاض إلى حصون.
فالمقاومةٌ تُعيد تعريف المستحيل ، لم تكن المقاومة الفلسطينية مجرد ردّ فعل على الاحتلال ، بل مدرسةٌ في التحدي . منذ انتفاضة الحجارة الأولى ، حيث واجه الأطفال الجنود بالحجارة والكرامة ، إلى الاشتباكات المعاصرة بأسلوبٍ أكثر تعقيداً ، أثبت الفلسطينيون أن الجغرافيا لا تُحدد مصير الشعوب . لقد حوّلوا الضعف إلى قوة ، فالأنفاق تحت الحصار ، والإعلام في زمن التعتيم ، والدبلوماسية الشعبية في زمن القمع . هم يُعلّمون العالم أن المقاومة ليست بالسلاح وحده ، بل بالإرادة التي تبني من كل هزيمة جسرًا للنصر .
مصر : الحصن العربي الذي لم يتزعزع
وفي قلب المعركة ، تقف مصر شامخةً كالسنديان ، حاملةً لواء الدفاع عن الحق الفلسطيني . من دعمها العسكري والسياسي في حروب 1948 و 1967 ، إلى دورها المحوري في مفاوضات ” كامب ديفيد ” التي حمَت ما تبقى للقضية من أمل ، وصولًا إلى فتح معبر رفح كشريان حياة لغزة تحت الحصار .
فلم تكتفِ مصر بالخطابات ، بل حوّلت موقفها إلى فعل ، دبلوماسيةٌ شرسة في الأمم المتحدة ، وجهودٌ متواصلة للم الشمل الفلسطيني ، ورفضٌ قاطع للتطبيع مع الاحتلال قبل تحقيق العدالة . مصر ، بقيادتها وشعبها ، ظلت الذراع الأقوى التي يحتضن بها الفلسطيني أحلامه .
وفي الختام أيها القارئ ، تبقى الكلمات نارًا تضيء الدرب :
قاومْ ، فما الموتُ إلا لقاءُ … وما الحياةُ سوى الظلِّ الفاني
فلسطينُ تُنبِتُ الأطفالَ درعًا … وتسقي ترابَها بالدمْ ريانِ
ومصرُ الحُرّةُ تبني بجهادٍ … صرحَ العروبةِ فوق الأكفانِ
لنا في كلِّ شبرٍ من ثراها … قبسٌ من نورِهِ يُجلي ظلاما
فمهما طالَ ليلُ الاحتِلالِ … فسيفُ الصبحِ يقطعُ آلاما
هكذا يُخلَّد النضال : بدمٍ يُروى ، وإرادةٍ تُشعِلُ النجوم في سماءٍ مُظلم . فلسطين ومصر ، شعبان في دربٍ واحد ، يكتبان التاريخ بيدٍ لا تُكسر .
حفظ الله مصر وفلسطين والقدس الشريف
سنلتقى إن كان فى العمر بقيه