الترند كقاضٍ: فرح كروان وحرب الفضاء الرقمي
من يحاسب من ؟!

بقلم الإعلامية : غدير ابوخزيم✍️
في عالم السوشيال ميديا، الترند أصبح قاضيًا بلا محكمة، وحكمه غالبًا يكون قاسٍ وعشوائي. واقعة فرح كروان ليست مجرد حفل زفاف، بل انفجار يكشف هشاشة مجتمعنا في التعاطي مع الشهرة الرقمية، وتضارب القيم، وغياب الإعلام الحقيقي.
المنصات الإلكترونية تحولت إلى ساحة صراع: انتقادات حادة، سخرية، تشهير، وحملات منظمة للهجوم على شخص واحد، وكأننا جميعًا حراس أخلاق بلا تدريب، بلا معيار، بلا رحمة. النقد أصبح أداة للقتل المعنوي، والتفرغ لهدم أي أحد يجرؤ على أن يكون مختلفًا أو مشهورًا.
وماذا عن الإعلام؟ أين المحللون والمذيعون الذين يفترض بهم شرح الظواهر؟ غاب الإعلام أو اكتفى بالمشاهدة، تاركًا المشهد لمنصات التواصل التي تصنع رأيًا عامًا بلا عقل، بلا سياق، بلا مسؤولية. في غياب الإعلام، يكتسب الصراخ على تيك توك مصداقية زائفة، ويُصبح السخرية سلاحًا أخطر من أي تحليل.
صناع المحتوى مسؤولون، نعم، لكن المجتمع والإعلام أيضًا مسؤولان عن سياق هذه الشهرة. النقد الواعي، النصيحة الصادقة، التحليل العميق – هذه هي أدوات البناء، لا الهدم. كل ما يحدث في الفوضى الرقمية الآن ليس مجرد تسلية أو فضول، بل مخاطر فعلية على قيم المجتمع، وسلوك الشباب، ونظرتنا للآخر.
القضية أكبر من فرح كروان، وأعمق من أي حفل زفاف. إنها صرخة لعقل يحكم على الظواهر قبل الأشخاص، وعلامة على أن الإعلام بحاجة لإعادة تعريف دوره قبل فوات الأوان. النقد الجريء مطلوب، لكن النقد الناري المسؤول – هو ما يحتاجه مجتمعنا ليخرج من هذه الفوضى.
أخيرًا، دعونا نقف لحظة ونسأل أنفسنا: هل نريد أن نصنع مجتمعًا بالفضائح أم بالوعي؟ الهجوم السريع بلا تحليل لن يربح أحدًا، لكن الحقيقة الصريحة والنقد البنّاء يمكن أن يحمي الأجيال القادمة من الانحراف والسطحية.







