الحبّ في زمن الخصام : حين يكون الوجود أعظم من الغياب

بقلم الكاتب الصحفى أيمن شاكر
نائب رئيس قسم الأدب ✍🏻
الحبّ ليس مجرد مشاعر دافئة تظهر في لحظات الهدوء والاتفاق ، بل هو الاختبار الحقيقي حين تعلو الأصوات ، وتختلف القلوب ، وتتشابك الأيدي في ساحة الخصام . تلك الكلمات التي تتردد في القلب قبل أن تُنطق : ” لا تتركني حتى في الخصام ” ، ليست مجرد تعبير عن الخوف من الفراق ، بل هي اعتراف بأن الحبّ الحقيقي لا يعرف شروطًا ، ولا يفرّ عند أول عاصفة.
في عالمٍ يسهل فيه الهروب ، يصبح التمسّك بالآخر اختيارًا شجاعًا . كم من العلاقات انهارت لأن أحد الطرفين لم يتحمل ثقل الصمت بعد الصراخ ، أو لأن الفراق بدا أسهل من مواجهة الجروح . لكن الحبّ الذي يستحقّ البقاء هو الذي يقول : ” ضمني مهما حدث بيننا “.
هنا ، في هذا الحضن ، يصبح الخصام مجرد محطة عبور ، وليس محطة نهاية.
القلب الذي يعترف بـ “لا طاقة لي على فراقك” هو قلب يدرك أن الحبّ ليس رفاهية ، بل هو ضرورة وجودية . فبعض الأشخاص يصبحون مثل الهواء الذي نتنفسه ، لا ندرك قيمتهم إلا حين نختنق بغيابهم . والفرح الذي لا يكتمل بدونهم ليس ضعفًا ، بل هو دليل على أنهم أصبحوا جزءًا من تكويننا العاطفي ، مثل نبض لا يتوقف إلا حين نتوقف عن الحياة.
“كن بجانبي دائمًا”، هذه العبارة البسيطة تحمل في طياتها كل معاني الأمان. فالحبّ ليس فقط أن تكون حاضرًا حين أضحك ، بل أن تمسك يدي حين أبكي ، أن تذكرني في لحظات ضعفي أنك لن تذهب ، حتى لو اختلفنا . هذا هو الوعد الذي لا يحتاج إلى قَسَم ، بل إلى فعل يومي يثبت أن الخصام لا يمحو الذكريات ، ولا يقتل الثقة .
وأخيرًا ، تلك الجملة التي تذكّرنا بأن الحبّ هو الملجأ الأخير : ” إياك أن تنسى إني أخبرتك ذات مرة أنك ملجئي من كل شيء “. في عالم مليء بالصراعات ، ماذا نريد أكثر من شخص يكون ملاذنا ؟ ماذا نطلب أكثر من قلب يحتوينا حين تنهار الجدران من حولنا ؟ الحبّ الحقيقي هو أن تجد في عينَي الآخر كل الأمان الذي لم تجده في العالم.
لذلك ، إذا كان الحبّ يعني شيئًا ، فهو أن تقول لشخص ما : “حتى لو اختلفنا ، حتى لو جرحنا بعضنا ، حتى لو مررنا بأيام لا نرى فيها سوى الظلام ، سأظل هنا .
لأنّ فراقك أعظم من أي خصام ، ولأنّ حياتي بدونك أشبه بسماء بلا نجوم ، وقلب بلا نبض .” ❤️
سنلتقى إن كان فى العمر بقيه