الحب أم التعلق المرضي : لماذا تتحول العلاقات إلى ساحة حرب بين الاحتياج والكراهية ؟

بقلم : أيمن شاكر
رئيس قسم الأدب
هل شعرت يومًا بأن علاقتك العاطفية أشبه بقطعة نار ؟ فرحتها تُشبعك ، لكن لهيبها يحرقك ؟ قد لا يكون هذا “حبًا ” بالمعنى الحقيقي ، بل تعلقًا مرضيًا يختلط فيه الاحتياج بالخوف ، والعاطفة بالرغبة في التدمير . علاقات التعلق المرضي تُبنى على حاجة ماسة عاطفية ، جنسية ، أو مادية يُسَمّيها البعض “حبًا ” لأنها تملأ فراغًا داخليًا مؤلمًا. هنا يبدأ الوهم : فالشخص المُتعلِّق يربط سعادته بوجود الشريك ، لكنه في الوقت نفسه يكرهه ! لماذا ؟ لأنه يعتبره ” عكازًا ” وجوديًا ، إن سقط ، سيعود إلى إعاقته النفسية.
هذه الثنائية تخلق تناقضًا مدمرًا : تبحث عن الاهتمام بجنون ، حتى لو عبر افتعال المشاكل ، تنتقد شريكك أو تتودد له بطريقة مهينة خوفًا من فقدانه ، تشعر بكراهية غامضة لا تفهمها ، لأن التعلق يجعلك سجينًا لذاتك قبل شريكك . الإنسان يكره الاحتياج لأنه يذكّره بضعفه . تخيّل شخصًا يعتمد على عكاز للمشي : سيُحب هذا العكاز لأنه يسنده ، لكنه سيتمنى التخلص منه لأنه رمز لإعاقته ! هكذا حال المُتعلِّق : يعيش في صراع بين الامتنان للشريك الذي يملأ فراغه ، والرغبة في تحطيمه لأنه يُذكّره بعجزه عن إشباع ذاته.
المرأة المُتعلِّقة تُقدّم تضحيات هائلة وتُسمّيها
” حبًا ” ، لكن الدوافع غالبًا ما تكون خوفًا من الوحدة ، أو تمسكًا بالوضع الاجتماعي أو المادي ، أو رغبة في الهروب من فراغها الداخلي . بينما الرجل المُتعلِّق يستخدم التجويع العاطفي أو التحطيم النفسي لإقناع شريكته أنها “لا شيء” بدونه ، ليس لأنه يحبها ، بل لأنه يخشى أن يكشف فراغه الداخلي إن غابت.
الحب يبدأ عندما تتعلم المشي بمفردك . لا يعني هذا الانعزال ، بل اكتفاءً ذاتيًا يسمح لك باختيار الشريك بدلَ الاحتياج إليه . في العلاقة الصحية تسأل : ” كيف نصلح الأمر معًا ؟ ” بدل توجيه الاتهامات ، تستمتع بالوجود مع الشريك ، لكنك لا تنهار إن غاب ، تبنِي معه بدل أن تهدم ، وتحتويه بدل أن تسيطر.
كيف تتحرر من التعلق المرضي ؟ واجه فراغك الداخلي : ما الذي تحاول سدّه عبر العلاقة ؟ ( قبول اجتماعي ؟ أمان مادي ؟ ). توقف عن تزيين الوهم : التضحية ليست حبًا إن كانت لخدمة احتياجك لا الشراكة . تعلم أن تمشي وحدك: مارس هواياتك ، طوّر ثقتك ، وافهم أن السعادة مصدرها داخلك أولًا .
التعلق المرضي ساحة معركة بين احتياجك للشريك وكراهيتك لذاتك الضعيفة . أما الحب الحقيقي ، فهو رحلة تنمو فيها مع شريكٍ يُكمّلك ، لا يُكمّمك. اختر أن تُشفى ، لا أن تظل سجينًا لجرحك !
سنلتقى إن كان فى العمر بقيه