الخرس الزوجي … عندما يتحول الصمت إلى قاتل صامت للزواج

بقلم الكاتب الصحفى أيمن شاكر
نائب رئيس قسم الأدب ✍🏻
في عالم الزواج ، يُخطئ الكثيرون حين يعتقدون أن الصمت براءة ، أو أن السكوت أمان. لكن الحقيقة المؤلمة هي أن هذا الصمت قد يكون أقرب إلى سكين حاد يجرح القلوب ببطء ، دون أن يصرخ أحد ليُسمع صوت الألم .
الخرس الزوجي لا يولد بين عشية وضحاها ، بل هو زائر خبيث يتسلل إلى العلاقة بهدوء ، يبدأ بكلمة مُجهضة لم تُنطق ، أو عتبة في القلب لم تُعبر ، ثم ينتهي به المطاف إلى سجن كبير من الصمت ، يُغلق فيه الزوجان أبواب الحوار ، ويُدفن فيه آخر ما تبقى من دفء.
هذا الخرس ليس مجرد غياب للكلام ، بل هو موت بطيء للغة المشتركة التي كانت يوماً تُحييهما . إنه تحول غريب من حوارات ممتدة تحت ضوء القمر إلى صمت ثقيل ، كأنما الكلمات أُعدمت واحدة تلو الأخرى . الأكثر إيلاماً أن هذا الصمت لا يعني الهدوء ، بل هو ضجيج مُزعج يتردد في داخل كل منهما ، كأن ألف صوت مُختنق تصرخ في داخلهما دون أن تصل إلى الآخر .
إنه جرح لا ينزف دماً ، لكنه يترك ألماً لا يُرى ، يتحول معه الحب إلى روتين ، والوجود المشترك إلى عبء.
في ظل هذا الخرس ، يصبح الصمت حاكماً مستبداً ، والقلوب سجناء له . كل كلمة لم تُقال تتحول إلى شبح يُطاردهما ليل نهار ، وكل مشاعر مُكبوتة تصبح حاجزاً يفصل بين روحين كانا يوماً قريبين . الزواج الذي يُفترض أن يكون ملاذاً للأمان ، يتحول إلى مقبرة للكلمات ، حيث تموت الأحلام قبل أن تولدو، وتذبل المشاعر قبل أن تُعبر عنها الشفاه .
لكن ما الحل ؟ كيف يُمكن إنقاذ ما تبقى من الجمر تحت الرماد ؟ الجواب بسيط ومعقد في الوقت نفسه :
الكلام … نعم ، الكلام هو الجسر الوحيد الذي يعبر من خلاله الحب من قلب إلى آخر .
لا تنتظروا حتى يتحول الصمت إلى جدار سميك ، امنحوا أنفسكم فرصة للحوار ، حتى لو كان مؤلماً .
لا تدعوا الخوف أو الكبرياء يسرق منكم لغة الحب ، فالكلمة الطيبة قد تُنقذ زواجاً على حافة الهاوية ، بينما الكلمة المُجهضة قد تدفنه إلى الأبد.
تذكروا دائماً أن الزواج ليس شراكة للأجساد فقط ، بل هو لقاء للأرواح . وإذا مات الحوار ، ماتت الروح شيئاً فشيئاً .
فلا تدعوا الصمت يقتل ما بقي بينكم ، فالحب يحتاج إلى كلمات تُقال ، إلى همسات تُسمع ، إلى دموع تُمسح ، وإلى قلوب تُنصت .
لأن الزواج ، في النهاية ، لا يعيش إلا على كلمة حانية ، ونظرة صادقة ، وصمت مليء بالحب ، لا صمت مليء بالوجع .
فليكن صمتكم عناقاً ، لا فراقاً … وليكن كلامكم حياة ، لا موتاً
سنلتقى إن كان فى العمر بقيه