70٪من البشر يعانون من الآلام الرقبة وطرق الوقاية بين أيديهم، ما الرؤية الطبية والإرشادات المتخصصة التي يقدمها الأستاذ الدكتور “هشام العزازي”حول أسباب الآم الرقبة؟!

بقلم الإعلامية: منار أيمن سليم
تُعد آلام الرقبة واحدة من أكثر الشكاوى شيوعًا في العصر الحديث، إذ باتت تؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم وتُشكل عبئًا كبيرًا على جودة الحياة والإنتاجية اليومية. وتشير الدراسات الطبية إلى أن ما يقرب من 70% من الناس يعانون من آلام الرقبة في مرحلة ما من حياتهم، مما يبرز أهمية التوعية بأسبابها وطرق الوقاية والعلاج.
الأستاذ الدكتور هشام العزازي – أستاذ واستشاري علاج الألم والعلاج التداخلي بجامعة عين شمس – يوضح أن الرقبة، أو العمود الفقري العنقي، منطقة دقيقة وحساسة تتكون من سبع فقرات، أقراص غضروفية، عضلات، أربطة، أعصاب وأوعية دموية، وهذا التركيب المعقد يجعلها عرضة للعديد من المشكلات.
الفقرات العنقية من C1 حتى C7 تمنح الرقبة مرونتها وقدرتها على دعم الرأس. وتلعب الأقراص الغضروفية دور الوسائد الطبيعية التي تمتص الصدمات، بينما تحيط بها عضلات عميقة وسطحية تمنح التوازن والحركة. كما تمر بالمنطقة شبكة عصبية مهمة تغذي الأطراف العلوية، إضافة إلى شرايين رئيسية تغذي الدماغ.
الوضعيات الخاطئة: مع انتشار استخدام الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر، ظهر ما يُعرف بـ “رقبة التكنولوجيا”، حيث يؤدي انحناء الرأس للأمام لفترات طويلة إلى زيادة الضغط على العضلات والأربطة، مسببًا التشنج والتيبس والألم المزمن.
اضطرابات النوم: استخدام وسائد غير مناسبة أو النوم في وضعيات خاطئة يساهم في إجهاد عضلات الرقبة.
التغيرات التنكسية: مع التقدم في العمر تحدث حالة تُعرف بـ “داء الفقار الرقبي”، حيث تتآكل الغضاريف وتتكون نتوءات عظمية قد تضغط على الأعصاب، مسببة ألمًا يمتد إلى الكتف والذراع.
الانزلاق الغضروفي: خروج المادة الهلامية من القرص الغضروفي يضغط على الأعصاب، ما يسبب ألمًا حادًا يمتد أحيانًا حتى أصابع اليد مع شعور بالتنميل أو الضعف العضلي.
تضييق القناة الشوكية: يؤدي إلى ضغط مباشر على النخاع الشوكي والأعصاب، ويُعد من الحالات الخطيرة التي تستلزم تدخلاً طبيًا سريعًا.
العوامل النفسية: التوتر والقلق المستمر يؤديان إلى شد عضلي مزمن في الرقبة والكتفين، وغالبًا ما يُصاحبه صداع وتيبس في العضلات.
أسباب أخرى: مثل التهابات العمود الفقري، الأورام، أو حتى أمراض عامة كالتهاب السحايا، وهي أسباب أقل شيوعًا لكنها خطيرة وتحتاج إلى تشخيص فوري.
لا تأتي آلام الرقبة منفردة في الغالب، بل يصاحبها صداع يبدأ من قاعدة الجمجمة، تيبس وصعوبة في الحركة، وأحيانًا يمتد الألم إلى الذراعين مع شعور بالتنميل أو ضعف العضلات. وهنا يوصي الدكتور هشام بضرورة التوجه إلى الطبيب فورًا، خاصة عند ظهور أعراض عصبية.
يعتمد التشخيص على أخذ التاريخ المرضي الكامل، الفحص الإكلينيكي، وأحيانًا الاستعانة بفحوص الأشعة مثل الرنين المغناطيسي أو الأشعة المقطعية لتحديد السبب بدقة.
أما العلاج، فيبدأ غالبًا بوسائل تحفظية مثل الراحة، الكمادات، الأدوية المسكنة، والعلاج الطبيعي. لكن في بعض الحالات المزمنة أو المعقدة، يبرز دور العلاج التداخلي للألم كخيار متقدم.
كما يشير الدكتور هشام العزازي إلى أن التردد الحراري يمثل طفرة حديثة في علاج الألم المزمن، إذ يعتمد على:
1)استهداف الأعصاب المسؤولة عن الإحساس بالألم.
2)تعطيلها مؤقتًا باستخدام موجات حرارية دقيقة.
3)تحقيق تسكين طويل المدى دون الحاجة لجراحة أو استخدام مستمر للأدوية.
وتُعد هذه التقنية مناسبة لحالات الانزلاق الغضروفي، آلام المفاصل المزمنة، وحتى بعض حالات الصداع وآلام العصب الخامس.
(الوقاية.. خط الدفاع الأول)
يؤكد الدكتور هشام أن الوقاية تبدأ من الوعي اليومي، وذلك عبر:
1)الحفاظ على وضعية صحيحة أثناء الجلوس والعمل.
2)ضبط ارتفاع شاشة الكمبيوتر لتكون في مستوى العين.
3)أخذ فترات راحة قصيرة لتغيير الوضعية.
4)ممارسة تمارين الإطالة وتقوية عضلات الرقبة بانتظام.
5)اختيار وسادة مناسبة والحصول على نوم كافٍ.
آلام الرقبة مشكلة شائعة ومتعددة الأسباب، لكن التشخيص المبكر والتدخل المناسب يُسهمان في تجنب المضاعفات المزمنة. ومع التطور الكبير في تقنيات علاج الألم، وعلى رأسها التردد الحراري، بات من الممكن للمرضى استعادة جودة حياتهم بعيدًا عن الألم والقيود الحركية.
الأستاذ الدكتور هشام العزازي، رائد تقنيات العلاج التداخلي للعمود الفقري بجامعة عين شمس، يشتهر بدقته في التشخيص وتقديم خطط علاجية متكاملة لكل حالة، ليبقى اسمه مرجعًا بارزًا في مجال علاج آلام العمود الفقري والرقبة في مصر والعالم العربي.
تابع الدكتور هشام العزازي علي يوتيوب