الصفعات المتتالية… حين يبكي الإنسان على أتفه الأسباب

بقلم غدير ابو خزيم ✍️
في زمن تتسارع فيه الهموم، وتتكاثر الضغوط من كل جانب، يجد الإنسان نفسه أحيانًا يبكي على أشياء صغيرة قد لا تستحق دمعة واحدة في الظروف الطبيعية. قد تبكي فتاة لأن كوبًا انكسر، أو ينهار شاب لأن كلمة عابرة قيلت له، بينما السبب الحقيقي ليس الكلمة ولا الكوب، بل تراكم الصفعات المتتالية التي تلقّاها قلبه وعقله بصمت.
الحياة لا تُعطي الفرصة دائمًا لالتقاط الأنفاس. خيبة في العمل، خلاف عائلي، ضائقة مالية، أو حتى فقدان أمل في علاقة ما… كل هذه الصدمات تُخزّن بداخلنا مثل طبقات متراكمة. ومع كل طبقة جديدة يزداد الحمل، حتى تأتي شرارة بسيطة فتفتح الباب لفيضان الدموع.
البكاء على “توافه الأمور” ليس ضعفًا كما يظن البعض، بل هو في الحقيقة علامة على أن الجرح الداخلي أصبح أعمق من قدرة صاحبه على التحمل. هو تنفيس طبيعي عن اختناق صامت، ورسالة للجسد والعقل معًا بأننا لم نعد قادرين على حمل المزيد دون راحة أو دعم.
المجتمعات بحاجة إلى أن تتفهم هذه اللحظات بدلًا من السخرية منها. علينا أن ندرك أن من يبكي على أتفه الأسباب، ربما ظل طويلًا يتجلّد أمام أعظمها. فالعين التي تدمع اليوم بلا سبب واضح، قد تكون صبرت بالأمس على ما لا يُطاق.
ربما لا نملك أن نمنع الصفعات، لكننا نملك أن نخفف وقعها بالاحتواء، بالاستماع، وبكلمة طيبة. ففي عالم مثقل بالضغوط، يصبح أبسط دعم إنساني هو ما ينقذ إنسانًا من الغرق في حزنه.