أخبار العالماخبار اليوم

المقاومة الفلسطينية ضربت الوجودية الوهميه لإسرائيل

Oplus_131072

بقلم أيمن شاكر
نائب رئيس قسم الأدب

منذ نشأة إسرائيل عام 1948 على أنقاض الشعب الفلسطيني ، سعت الأخيرة إلى ترسيخ سردية وجودية مطلقة ، تروج لفكرة أنها ” دولة لا تُقهر ” وقائمة بفعل حق تاريخي وديني . لكن المقاومة الفلسطينية ، عبر عقود من النضال بمختلف أشكاله ، كسرت هذا الوهم ، وأثبتت أن الوجود الإسرائيلي في فلسطين ليس قدراً مُحتّماً ، بل هو كيان استعماري يواجه رفضاً شعبياً متجدداً ، ويخضع لصراع وجودي حقيقي.

فلم تكن المقاومة الفلسطينية رد فعل عابراً ، بل هي امتداد لحركة تحرر وطني بدأت مع الاحتلال البريطاني وتصاعدت بعد النكبة ، فمن الكفاح المسلح في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي ( مثل معركة الكرامة 1968 ) ، إلى الانتفاضتين الأولى (1987) والثانية (2000) ، مروراً بحرب غزة (2008–2014) ومواجهات القدس والخليل اليوم ، شكّلت هذه المحطات ضربات متتالية لأسطورة ” الجيش الذي لا يُهزم ”
بل إن العمليات النوعية ، مثل عمليات تبادل الأسرى (مثل صفقة شاليط 2011) وصواريخ المقاومة التي اخترقت ” القبة الحديدية ” ، كشفت هشاشة الأمن الإسرائيلي رغم تفوقه التكنولوجي.

فلم تكن المقاومة مجرد مواجهة عسكرية ، بل أداة سياسية حوّلت القضية الفلسطينية إلى قضية عالمية . فالصمود في غزة رغم الحصار ، والتمسك بالهوية في القدس المحتلة ، وإضرابات الأسرى ، أجبرت المجتمع الدولي على الاعتراف بفشل المشروع الصهيوني في إخضاع الفلسطينيين أو محوهم

كما أن تصاعد الخطاب الدولي المناهض للاحتلال ، وحركات المقاطعة ، ودعم المحاكم الدولية لقضايا فلسطين ( كالتحقيق في جرائم الحرب 2024 ) كلها نتائج لإستمرار المقاومة بكافة أشكالها.

حاولت إسرائيل طمس الرواية الفلسطينية عبر تزيين نفسها كـ” الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط ” ، لكن المقاومة كشفت زيف هذه الادعاءات . فصور الأطفال الفلسطينيين الذين يواجهون الدبابات ، والشهداء الذين يُضحّون بحياتهم دفاعاً عن الأقصى ، حوّلت الرأي العام العالمي من تعاطف مع ” دولة الناجين من الهولوكوست ” إلى إدانة لـ” دولة الفصل العنصري ”
حتى داخل إسرائيل ، بدأ يسود جدل حول ” مستقبل الدولة ” في ظل إستحالة تحقيق الاستقرار دون إنهاء الاحتلال ، ما يُضعف السردية الصهيونية من جذورها.

فلم تكن الانتفاضات مجرد مواجهات دموية ، بل حملت أبعاداً ثقافية ورمزية عميقة . فالحجر الذي رماه الطفل الفلسطيني في وجه الجندي الإسرائيلي خلال الانتفاضة الأولى لم يكن سلاحاً بدائياً ، بل تحول إلى أيقونة عالمية تُجسّد صراع الظالم والمظلوم .
هذه الرمزية حوّلت المقاومة من فعل يائس إلى مشروع تحرري أخلاقي ، يُذكّر العالم بأن الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ( كالقرار 242 ) لن تُنفّذ دون إرادة شعبية فلسطينية صلبة.

وختاماً … المقاومة الفلسطينية ، رغم إختلاف الآراء حول أدواتها ، نجحت في تحطيم الوهم الأكبر : أن إسرائيل كيان طبيعي وقادر على فرض وجوده دون حساب لتضحيات الشعب الفلسطيني

فاليوم ، بات واضحاً أن أي تسوية دائمة يجب أن تعترف بحقوق الفلسطينيين الكاملة ، وأن
” الوجودية الإسرائيلية ” لن تكتمل إلا بإنهاء الاحتلال ، لا بتكريسه

ولكن الدرس الأهم هو أن المقاومة ، حين تكون جزءاً من إرادة جماعية ، تصبح قادرة على قلب الموازين حتى أمام أعتى القوى العسكرية.

سنلتقى إن كان فى العمر بقيه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى