النائب نافع التراس : علم أقدم الحضارات يتوسط سماء موسكو في احتفالات النصر الروسي التاريخي”
نواب وأحزاب

نائب رئيس قسم الأدب ✍🏻
في لحظةٍ تجمع بين رمزية التاريخ وعبقرية الحاضر ، ارتفع علم مصر عالياً في قلب الساحة الحمراء بموسكو ، كضيف شرفٍ في احتفالات روسيا بــ”عيد النصر” التاسع من مايو ٢٠٢٥. لم تكن مشاركة الوفد العسكري المصري في العرض العسكري المهيب مجرد حدثٍ عابر ، بل حلقةً جديدة في سلسلة الشراكة الإستراتيجية بين القاهرة وموسكو ، التي تُنسج خيوطها منذ عقود ، وتتوج اليوم بتعاونٍ عسكري واقتصادي وسياسي يُعيد تشكيل ملامح التحالفات الدولية.
جاءت هذه المشاركة الاستثنائية في ذكرى مرور 80 عاماً على انتصار الحلفاء على النازية، لترسم بُعداً جديداً للدور المصري على المسرح العالمي. فبينما استعرضت روسيا ترسانتها العسكرية الحديثة، وقفت مصر شامخةً بين الدول العظمى، ممثلةً في وفدٍ عسكري رفيع برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي ، الذي حضر كضيف شرف، ليُرسل رسالةً واضحة : مصر ليست مجرد شاهدٍ على التاريخ ، بل صانعةٌ له.
شراكة الدم .. من الحرب العالمية إلى مكافحة الإرهاب
تعود جذور العلاقات المصرية الروسية إلى أربعينيات القرن الماضي ، عندما حاربت الدولتان جنباً إلى جنب ضد الفاشية ، لكن الشراكة اليوم تتجاوز إطار الذكريات إلى واقعٍ ملموس. ففي السنوات الأخيرة ، شهدت العلاقات دفعةً غير مسبوقة ، بدءاً من إنشاء المنطقة الصناعية الروسية في قناة السويس ، وصولاً إلى الاتفاقيات العسكرية التي تضمن تبادل الخبرات وتطوير الأسلحة المشتركة . هذه المشاركة العسكرية تُعد تتويجاً لمسارٍ طويل من الثقة المتبادلة، خاصةً في ظل التحديات الأمنية المشتركة ، مثل مكافحة الإرهاب في سيناء وسوريا ، وتعزيز الاستقرار في ليبيا.
ففي لقاء صحفى خاص مفعمٍ بالحماسة ، أكد النائب نافع التراس ، نائب رئيس حزب حقوق الإنسان والمواطنة ، أن هذه المشاركة التاريخية ” ليست مجرد استعراضٍ عسكري ، بل إعلانٌ سياسي بُلغة الأعلام والتحالفات “. وأضاف في حديثٍ خاص :
” عندما يرفرف علم مصر في سماء موسكو ، فإنه لا يُمجد انتصارات الماضي فحسب ، بل يُعلن ميلاد تحالفٍ جديد قادر على مواجهة تحديات المستقبل ، فنحن أمام شراكةٍ تجمع بين قوة مصر الناعمة المتمثلة في عمقها الحضاري ، وقوتها الصلبة المتمثلة في جيشها العظيم ، مع ما تمتلكه روسيا من إمكانيات تكنولوجية هائلة. هذه العلاقة ليست تحالفاً ظرفياً ، بل مشروعاً استراتيجياً يُعيد تعريف التوازنات الإقليمية والعالمية ” .
وتابع التراس :
” الرئيس السيسي ، بحضوره الشخصي ، يُذكر العالم بأن مصر لم تعد تلعب دور المتفرج ، بل أصبحت لاعباً رئيسياً في صنع القرار الدولي. فمشاركتنا اليوم هي رسالةٌ للغرب والشرق : مصر قادرة على أن تكون جسراً للسلام ، وحائط صدٍ ضد كل من يحاول زعزعة أمن المنطقة . نحن لا نختار بين المحاور ، بل نصنع محوراً مصرياً يُحتذى به ”
وأختتم حديثه بتأكيدٍ ملحمي :
“هذا العلم الذي نراه اليوم في موسكو هو نفس العلم الذي رُفع فوق ثكنات العدو في حرب أكتوبر ، وهو ذاته الذي سيرفرف غداً فوق كل ساحةٍ تحتاج إلى صوت الحق . مصر لم تعد تُساوم على مكانتها ، فهي بقلبها النابض بالتاريخ ، وبسواعد أبنائها ، تُكتب اليوم فصولٌ جديدة من المجد ” .
فلماذا تُقلق هذه المشاركة الغرب ؟
في تحليلٍ للخلفيات الجيوسياسية ، يرى مراقبون أن الحضور المصري البارز في احتفالات روسيا يُعيد إحياء تحالف القاهرة – موسكو الذي شكّل عصب السياسة الدولية خلال الحرب الباردة ، لكن هذه المرة بأسسٍ أكثر قوة .
فمصر ، التي تُعد حليفاً تقليدياً للغرب ، تُرسل بإشارةٍ مفادها أنها تمتلك خياراتٍ متعددة ، وأنها قادرة على تحقيق مصالحها دون الوقوع في أحادية التحالف . هذا التوازن الدقيق يُعطي مصر دور الوسيط في الأزمات الدولية ، كالأزمة الأوكرانية والأزمة السورية ، حيث تُقدم القاهرة نفسها كطرفٍ نزيه قادر على الحوار مع الجميع.
كلمات تُحفر في الذاكرة ..
بينما تختفي أعلام الاحتفالات مع نهاية اليوم ، تبقى كلمات الرئيس السيسي خلال زيارته الأخيرة لموسكو خالدة : ” نحن أبناء حضارةٍ علمت البشرية كيف تُبنى الدول ، واليوم نتعلم من تاريخنا كيف نحميها ” أما المشهد الأكثر تأثيراً فكان تقبيل أحد الجنود المصريين للعلم أثناء مرور الموكب ، في لقطةٍ عبّرت عن شغف أمةٍ بتراب وطنها ، وشعارٌ يُلخّص روح الحدث :
” علمٌ واحد .. تاريخٌ واحد .. مصيرٌ واحد .. مصر فوق الجميع ، والجميع تحت سماء السلام ”
وأخيراً …
في اللحظة التي التقط فيها العالم صورة العلم المصري وهو يتهادى بين الأعلام الروسية ، كان التاريخ يشهد على أن الأمة التي اختزلت دروس الحضارة في ” الكلمة الطيبة ” و” السيف الصارم ” ، لا تزال قادرةً على أن تُلهم الإنسانية بفنون الكرامة والسلام .
مصر ، التي مرّت فوق أرضها كل الحروب ، تخرج اليوم من بين رمال الماضي حاملةً مشعل المستقبل ، لتُذكرنا جميعاً : إن الأمم العظيمة لا تموت ، بل تُعيد إحياء نفسها كلما احتاج العالم إلى بصيص أمل .
حفظ الله مصر وقيادتها وشعبها العظيم