أخبار العالماخبار اليوم

حماس لم تترك شيئًا هباءاً : توابيت الأسرى الإسرائيليين رمزية للإذلال وحرب الروايات

بقلم : أيمن شاكر نائب رئيس قسم الأدب

Oplus_131072

الجثمان سلاحٌ في معركة الذاكرة :-
ففي الصراع الفلسطينى الإسرائيلي ، تتحول أبسط التفاصيل إلى ساحات رمزية للصراع ، مؤخرًا ، أثار تصميمٌ غير مسبوق لتوابيت جثامين الأسرى الإسرائيليين المُسَلَّمة من قِبل حماس جدلًا واسعًا ، أربعة توابيت مُصنَّعة بمقابض جانبية تُحمل عند مستوى الركب ، في مقابل طقوس تشييع شهداء فلسطين الذين يُرفعون على الأكتاف كرمزٍ للتكريم ، هذا التمايز ليس عشوائيًّا ، بل يندرج ضمن استراتيجية حماس
لـ ” ترسيخ الهُوَّة ” بين ضحايا الاحتلال وأسرى جيشه ، وتحويل كل تفصيل إلى رسالة سياسية.

التصميم المُتعمَّد : لماذا الركب وليس الأكتاف ؟
الاختلاف في طريقة حمل التوابيت يعكس تمايزًا ممنهجًا في التعامل مع الجثامين
شهداء فلسطين :
يُحملون على الأكتاف كـ ” أيقونات حية ” ، في إشارة إلى أن دماءهم تُرفع راياتٍ للمقاومة ، وأن الأرض تحتضنهم كأبطال.

جثامين الأسرى الإسرائيليين :
تُحمل بإنحناءة الظهر والتوابيت عند الرُكب ، كرمزٍ لـ ” خفض مكانة ” الجندي الإسرائيلي المُحتل ، وإبراز فكرة ، أن جثته عائدة من معركة خاسرة ، وليست جثمان شهيدٍ مُكرَّم .

هذا التصميم لا يهدف فقط إلى تسهيل النقل اللوجستي ، خاصة في عمليات التبادل التي تشهد توترًا أمنيًّا ، بل يُحوِّل عملية التسليم نفسها إلى مشهدٍ درامي يُذكِّر العالم بـ” هزيمة ساحقه ” للاحتلال .

الجدل الفلسطيني : بين تأييد التمييز ورفض ” التدنيس ”
أثار التصميم ردود فعل متباينة داخل المجتمع الفلسطيني :
– المؤيدون :
يرون أن هذه الخطوة جزءٌ من ” الحرب النفسية ” ضد الاحتلال ، وأن خفض مستوى التابوت يُضعف هيبة الجندي الإسرائيلي في عيون شعبه ، خاصةً أن الجيش الإسرائيلي يُقدّس جثامين جنوده ويُبالغ في طقوس دفنهم

– المُعارضون :
يعتبرون أن الإسلام يُحرّم إذلال الموتى، وأن هذا الفعل قد يُستخدم دعائيًّا ضد القضية الفلسطينية ، ويُشوّه صورة المقاومة كـ”منتهكة لأخلاق الحرب “.
– ردّ حماس :
عبرت حماس عن أن هذا الفعل ” ردٌّ على انتهاكات الاحتلال ” مُستشهدةً باحتجاز إسرائيل لجثامين عشرات الشهداء الفلسطينيين لسنوات في ” مقابر الأرقام ” ، ورفضها تسليمهم لأهاليهم.
لذلك صممت لهذه الأسباب :-
١. التصميم يُكرّس سردية ” المقاومة الذكية ” التي تستخدم التفاصيل لفرض واقع جديد.
٢. إستهداف الرواية الإسرائيلية :
إسرائيل تُصور جنودها كـ”ضحايا إرهاب”، لكن حمل جثامينهم بانحناءة يُظهرهم كـ ” منهزمين ”
٣. تأطير التبادل كـ ” انتصار ” :
حتى في لحظة التسليم ، تُؤكد حماس أنها تتحكم بشروط المشهد.

فختاماً
متى يصبح التابوت بيانًا سياسيًّا ؟
في الصراعات طويلة الأمد ، تتحول الجنازات إلى مسرحٍ لصراع الهويات . تصميم حماس لتوابيت الأسرى الإسرائيليين ليس مجرد تفصيل تقني ، بل ضربةٌ في حرب الروايات ، حيث تُعيد القوة الفلسطينية تعريف قواعد اللعبة ، حتى الموتى يُشاركون في المعركة ، لكن هذا الفعل يظل مُثار جدلٍ أخلاقي ، فهل ” الرد على الانتهاكات ” يُبرر انتهاكًا مضادًّا ؟
السؤال يظل مفتوحًا للقارئ ، لكن الثابت أن حماس ، تؤمن بأن لا شيء يُترك هباءً في معركة البقاء .

سنلتقى إن كان فى العمر بقيه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى