أخبار العالماخبار اليوممشاهير

حماية حق الوريث في القانون المصري – بقلم د. اميره فاروق الانصاري

حماية حق الوريث في القانون المصري: قراءة في المادة (49) من قانون المواريث بعد تعديلاته

في إطار سعي المشرّع المصري لتحقيق العدالة وحماية الحقوق، أتى التعديل الصادر بالقانون رقم 219 لسنة 2017 ليُضيف نصًا جزائيًا صريحًا إلى قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943، وذلك لمعالجة واحدة من أبرز المشكلات العملية التي تواجه الورثة، وهي امتناع البعض عمدًا عن تسليم الأنصبة الشرعية في التركة.

نطاق التجريم ومفهوم الامتناع العمدي

نصّت المادة (49) المُضافة بموجب التعديل على تجريم الامتناع العمدي عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي من الميراث، وهي صورة من صور الاستيلاء غير المشروع على مال الغير، يُقترف ممن له يد على التركة أو جزء منها، ويترتب عليه حرمان وارث من حقه المستقر شرعًا وقانونًا.

كما يشمل نطاق التجريم حجب السندات أو المستندات التي تُثبت نصيب أحد الورثة، وكذلك الامتناع عن تسليمها حال طلبها من أحد الورثة الشرعيين. ويُفهم من ذلك أن الجريمة لا تقوم فقط في صورة حيازة المال الموروث، بل تمتد لتشمل الامتناع عن تمكين الورثة من إثبات حقوقهم.

العقوبة المقررة وفقًا للنص

أقرّ المشرّع عقوبة الحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر، وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تتجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين. وتزداد شدة العقوبة في حالة العود، حيث يرتفع الحد الأدنى للحبس ليصل إلى سنة كاملة.

ويلاحظ أن العقوبة جاءت ذات طابع مزدوج (حبس أو غرامة أو كليهما)، بما يتيح للسلطة القضائية تقدير ما يتناسب مع طبيعة الجريمة وظروف مرتكبها.

إمكانية التصالح وآثاره

حرصًا من المشرّع على التوازن بين الزجر القانوني وتحقيق الصلح الاجتماعي، أتاح النص إمكانية التصالح في أي مرحلة من مراحل الدعوى، سواء أمام النيابة العامة أو المحكمة، وحتى بعد أن يصير الحكم باتًا. ويترتب على هذا الصلح انقضاء الدعوى الجنائية، وهو ما يُعدّ خروجًا عن القواعد العامة، باعتبار أن الميراث من الحقوق الخاصة التي تحتمل التسوية الرضائية.

كما يمتد أثر الصلح إلى وقف تنفيذ العقوبة حال إتمامه أثناء التنفيذ، غير أن الصلح لا يؤثر بأي حال على الحق المدني للمجني عليه أو المضرور، الذي يبقى قائمًا أمام القضاء المختص.

خاتمة

جاء التعديل المشار إليه ليضع حدًا لما قد يشوب عملية توزيع التركة من منازعات وتحايل، ويؤكد أن القانون المصري لا يكتفي بالإقرار النظري للحقوق، بل يحميها بنصوص جزائية رادعة عند المساس بها عمدًا. ويُعدّ هذا النص التشريعي خطوة متقدمة في ترسيخ مفاهيم العدالة الأسرية والاجتماعية، وتأكيدًا على أن احترام الإرادة الشرعية في الميراث واجب قانوني لا يجوز الإخلال به.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى