مشاهير

رساله إلى والدى : لا يُدرك الكثيرون قيمة الأب إلا حين يغيب

بقلم الكاتب الصحفى أيمن شاكر
نائب رئيس قسم الأدب ✍🏻

عندما يتشابه الناس في الملامح والأفعال ، يبقى الأب وحده كالنجم اللامع في سماء التفرد . هو ليس مجرد اسم أو لقب ، بل هو عالمٌ من الحنان المُعلّق بين ضلوعه ، وقوةٌ تُحاكي الجبال في صمودها .
يقول الشاعر :
يَتشَابه الأقوَامُ فِيمَا بَينهُم
وَأبِي فَريـدٌ دَونَما أشــبَاهُ

فكيف لا يكون الأب فريداً وهو الذي يحمل في قلبه بحراً من التناقضات الجميلة ؟
حازمٌ في توجيهه ، حنونٌ في احتضانه ، صارمٌ في مبادئه ، رقيقٌ في مشاعره . إنه القائد الذي لا يُشبهه قائد ، والصديق الذي لا يُجاريه صديق ، فهو يُعطي بلا حدود ، ويُضحّي بلا تردد ، كأنّ حياته مَنسوجةٌ من خيوط العطاء اللامتناهي .

الأب هو أول من علّمنا أن نرى العالم بعيون الشجاعة . حين كنا صغاراً ، كنّا نمسك بيده فنشعر بأنّ الجبال تتزلزل تحت أقدامنا ، لكنّنا نبقى آمنين . فكان يُخفي تعبه خلف ابتسامةٍ تُشبه الفجر ، ويُحوّل عرقه إلى سُحبٍ تُظلل أحلامنا .
أتذكر : ” كنت أرى في وجه أبي قصصاً من التعب ، لكنّ يديه كانتا تبنيان لي قصراً من الأمان ” .
هذه هي عبقرية الأب : أن يُحوّل صعوبات الحياة إلى دروسٍ نتعلم منها الكرامة والإصرار .

لا يُدرك الكثيرون قيمة الأب إلا حين يغيب ، لكنّ الحكيم من يعلم أنّ وجوده نعمةٌ لا تُعوّض . هو الذي يُصلح أخطاءنا بصمتٍ ، ويُخفّف آلامنا بكلمةٍ ، ويُضيء ظلامنا بنظرةٍ . حتى حين يخطئ الأبناء ، يبقى الأب كالشجرة التي تُظللهم بغصنٍ مكسور ، فلا يتخلّى عنهم ، بل يُعلّمهم كيف يُصلحون ما كسروه .

الأب ليس مجرد مُعيلٍ مادي ، بل هو مهندسُ القيم ، وحارسُ الأخلاق ، فهو من يزرع فينا بذور الثقة ، ويُنمّي في قلوبنا جذور الاحترام .
يقولون إنّ ” أباً واحداً خير من عشرة مُربين ” ، فالأب يُربّي بالقدوة ، لا بالكلام . خطواته هي الدليل ، وصمته هو الحكمة ، وعناقه هو الملاذ . حتى حين لا يتحدث ، فإنّ صمته يُعلّمنا كيف نسمع صوت ضمائرنا.

في النهاية ، عندما يُغادر الأب ، يترك فراغاً كالثقب الأسود . لا تملؤه الأيام ولا الذكريات ، لأنّ قلبه كان أكبر من الزمن ، فالأب هو النبع الذي لا ينضب ، والشمس التي لا تغيب . وكما قيل :
” الأب هو الرجل الوحيد الذي يعطي دون مقابل ، ويحبك بصدقٍ ويفضلك على نفسه ” .

وختاماً .. رساله إلى والدى 💔
أبي .. لو أنّ الكون كلّه اجتمع ليصفك ، لما وجد كلماتٍ تُوفيك حقك . فأنت البحر الذي لا يُقاس بعُمْقه ، والسماء التي لا تُحدّ بآفاقها . دمتَ لي نعمةً من الله ، وحبّاً لا يُشبهه حب ، وغيابك لن يكون سوى انتظارٌ للقاءٍ على روابي الجنة ، حيث لا فراقَ بعد اليوم .
رحمة الله عليك يا حبيبى 😥

سنلتقى إن كان فى العمر بقيه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى