اخبار اليوم
أخر الأخبار

سقوط طفلين من الطابق التاسع فى البحيرة

كتب شعبان الزينى

10 دقائق من الرعب في هواء دمنهور.. سقوط طفلين من الطابق التاسع يهزّ قلوب المدينة

كتب شعبان الزينى

لم تكن الشمس قد أشرقت تمامًا حين دوّى صراخ الأطفال في أحد أبراج شارع عبد السلام الشاذلي بمدينة دمنهور، قبل أن يتحول الصراخ إلى فاجعةٍ أعادت للأذهان معنى العجز الإنساني أمام القدر.

ففي مشهدٍ لا يُحتمل، وجد أهالي الشارع أنفسهم يشاهدون طفلًا يتدلّى من شرفة الطابق التاسع، يتشبّث بالحياة بيدين صغيرتين ترتجفان، فيما تتعالى الصرخات من كل ناحية: «حد يلحق الولد!»، «هاتوا بطانية!»، «اكسروا الباب!».

لكن الوقت كان يمضي ببطءٍ مميت… عشرُ دقائقٍ مرّت وكأنها دهر، قبل أن تهتز المدينة كلها على خبر سقوطه.

كانت البداية عندما سقط الطفل الأكبر، عمر أحمد روميله (9 سنوات)، أثناء محاولته الانتقال من نافذة الشقة إلى البلكونة. ارتبك شقيقه الأصغر إياد (5 سنوات)، فاندفع نحوه في محاولة بائسة لإنقاذه، لكنه فقد توازنه هو الآخر وظلّ معلّقًا بين السماء والأرض. الجيران الذين هرعوا لإنقاذه حاولوا كسر باب الشقة والدخول، لكن القدر لم يُمهلهم، ليسقط إياد أمام أعين الجميع، وتتحول أنفاس المدينة إلى شهقاتٍ من الدهشة والحزن.

البيت الخالي من الكبار… والقدر كان الأسرع

حين وصلت قوات الأمن إلى موقع الحادث، اكتشفت أن الطفلين كانا بمفردهما داخل الشقة وقت وقوع المأساة، إذ غاب الوالدان عن المنزل لبعض الوقت. التحريات الأولية أكدت أن الطفلين كانا يحاولان الانتقال من الشباك إلى البلكونة حين اختلّ توازنهما وسقطا.

نُقلت الجثتان إلى مستشفى دمنهور التعليمي، وبدأت النيابة العامة التحقيق في ظروف الحادث، وسط حالةٍ من الذهول العام بين الأهالي الذين ظلّوا حتى ساعاتٍ متأخرة على ناصية الشارع، يتبادلون الحكايات والدموع.

مشهد لا يُمحى من ذاكرة المدينة

يصف أحد شهود العيان للصفحة ما رآه قائلاً: “ماحدش فينا هينسى اللحظة دي، الولد كان متعلق في الشباك وإيده بتفلت قدام عنينا، وكلنا بنصرخ ومش عارفين نعمل حاجة… كانت أطول عشر دقايق في حياتنا.”

في تلك اللحظات، تلاشت الفوارق بين الجيران، بين الغني والفقير، بين الغريب والمقرّب، فالكل صار أبًا مكلومًا وأمًّا تبكي طفلها، وكل القلوب كانت معلّقة بذاك الشباك الذي صار شاهدًا على المأساة.

من عنوان الرفاهية إلى “شارع الموت”

الشارع الذي لطالما تغنّى به أهالي دمنهور باعتباره وجه المدينة العصري، بأبراجه الفاخرة وشققه اللامعة، تحوّل إلى ما يشبه مصيدة أرواح. فالحادث لم يكن الأول، فقد شهد الشارع العام الماضي مصرع عاملين سقطا من سقالة أثناء أعمال بناء بأحد الأبراج، في تكرارٍ لمآسٍ باتت تُنذر بخطرٍ خفيّ اسمه “غياب الأمان”.

الأبراج العالية، الشرفات المفتوحة، غياب الحواجز الآمنة، كلها تفاصيل هندسية صغيرة تحوّلت إلى فخاخٍ قاتلة في مدينة لم تعتد هذا الارتفاع ولا هذا الإهمال.

حزن على الأسرة.. لا إدانة

ومع انتشار القصة على وسائل التواصل الاجتماعي، انقسمت التعليقات بين من ألقى باللوم على الأبوين، وبين من دعا إلى الرحمة والتفهّم.

كتب أحد المستخدمين: «كفاية وجع، الأم والأب دلوقتي بيموتوا بالحسرة، مش ناقصين جلد من الناس».

وطالب آخرون بعدم إدانة الأسرة، معتبرين أن الأب والأم لم يكونا سوى نموذجٍ لآباء وأمهات يعملون بحسب ما نشره البعض في ظلّ الظروف الاقتصادية الصعبة لتأمين حياة كريمة لأطفالهم، لكن القدر سبق الجميع.

تبقى الحكاية أكبر من مجرد حادث عرضي، إنها جرس إنذارٍ لمدينةٍ تنمو بسرعة تفوق وعيها بالخطر، وصدى حزنٍ يتردد في كل بيتٍ يرى في طفلي دمنهور وجه أبنائه الصغار، المعلّقين بين براءة الحلم وقسوة الواقع.

Shaaban ALZeiny

شعبان ابراهيم مرسى الزينى تاريخ الميلاد 16/5/1988 حاصل علي الكلية التكنولوجية حاصل علي دبلومة صحافة وإعلام من المجلس الأعلى للاعلام يعمل صحفى ومراسل لجريدة قلب الحدث وكاتب صحفى فى جريدة اكسترا نيوز عمل كمراقب اول جودة فى اريستون جروب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى