مشاهير

شاكر يكتب : الحبّ والضياع : لماذا لا نندم على ما فُقد ؟

بقلم الكاتب الصحفى أيمن شاكر
نائب رئيس قسم الأدب ✍🏻

الحبّ ليس مجرد كلمة تُقال، بل هو رحلةٌ من المشاعر المتضاربة التي تتركنا في النهاية أمام أسئلةٍ وجودية. كيف يمكن أن نحبّ بشغفٍ ثمّ لا نخشى الخسارة؟ كيف نمنح كلّ ما فينا، ثمّ نصل إلى لحظةٍ ندرك فيها أن ما فُقد لن يعود؟

هناك نوعٌ من الحبّ يملأ الروح، يغمر القلب، لكنّه لا يترك خلفه خوفًا من النهاية. لماذا؟ لأنّ صاحبه يعلم أنّه لم يبخل بمشاعره، لم يقصّر في المحاولة، لم يحتفظ بأيّ شيء لنفسه. لقد أعطى بلا حساب، عاش كلّ لحظة وكأنّها الأخيرة، حارب من أجل البقاء بكلّ ما يملك من قوة. وعندما تأتي لحظة الفراق، لا يشعر بالذنب أو الندم، لأنّه يعرف أنّه فعل كلّ ما في وسعه.

هنا تكمن قوّة التسليم : أن تُدرك أنّك لم تفرّط في شيءٍ إلّا بعد أن استنفدت كلّ السُبل. الخسارة تصبح أقلّ إيلامًا عندما تعرف أنّك لم تكن السبب، عندما تؤمن بأنّ بعض الأشياء ببساطةٍ لم تكن ملكًا لنا، مهما حاولنا.

بعض المشاعر تشبه الماء الذي يُسكب على الرمال، يمتصّها الزمن ولا يعيدها. قد نحاول استعادة اللحظات، نبحث عن ذكرياتٍ تدفئ القلب، لكنّنا نجد أنفسنا أمام حقيقةٍ قاسية: الشغف الأوّل لا يتكرّر. ذلك الاندفاع، ذلك الوهج الذي كان يضيء كلّ شيء حولنا، يصبح مع الوقت مجرّد أثرٍ باهت في الذاكرة.

لكن هل هذا يعني أنّنا يجب أن نندم؟ بالعكس، ربما تكون هذه هي الحكمة الكامنة وراء كلّ خسارة: أن نتعلم أنّ المشاعر مثل الأيام، تمرّ ولا تعود. وأنّ محاولة إمساكها بقوةٍ قد تكون السّبب في تسرّبها من بين أصابعنا.

في النهاية … الحياة لا تُعطينا ضمانات، والحبّ ليس استثناءً. لكنّ أجمل ما فيه هو أنّه يعلّمنا كيف نعطي بصدق، كيف نعيش بلحظاتنا كاملةً دون خوفٍ من الغد. وعندما يحين وقت الرحيل، نستطيع أن نغلق الصفحة بهدوء، لأنّنا نعلم أنّنا كتبنا فيها كلّ ما نريد بأحرفٍ من نور.

” ليس الحبّ أن تملك ، بل أن تُعطي .
وليس الفراق أن تنتهي ، بل أن تترك وراءك بصمةً لا تُنسى ”

سنلتقى إن كان فى العمر بقيه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى