مشاهير

قوانين العقل الواعي واللاواعي بقلم: خبير التنمية البشرية والإرشاد الأسري د. عبدالرحمن عبدالله عوضون

يُعدّ العقل البشري أعقد وأقوى منظومة خلقها الله في الإنسان، وهو المحرك الأساسي للسلوك، والانفعالات، والقرارات، والنجاحات أو الإخفاقات التي يعيشها الفرد. وينقسم العقل – من حيث الوظيفة – إلى عقل واعٍ و عقل لاواعي، ولكلٍ منهما قوانينه الخاصة التي تحكم طريقة عمله وتأثيره في حياتنا.

أولًا: العقل الواعي

العقل الواعي هو الجزء المسؤول عن التفكير المنطقي، والتحليل، واتخاذ القرار، والإدراك الآني. وهو يعمل أثناء اليقظة ويشمل نسبة محدودة من قدرات العقل مقارنة باللاواعي.

من أهم قوانين العقل الواعي:

قانون الاختيار
العقل الواعي هو بوابة الاختيار، فهو الذي يقرر ما نقبله أو نرفضه من أفكار ومعتقدات.

قانون التركيز
ما نركز عليه بعقلنا الواعي يتضخم ويزداد تأثيره، سواء كان إيجابيًا أو سلبيًا.

قانون الجهد المحدود
العقل الواعي يتعب بسرعة ولا يستطيع معالجة عدة مهام معقدة في الوقت نفسه.

قانون المنطق
يعتمد العقل الواعي على الأدلة والتحليل والمقارنة، وقد يعارض أحيانًا ما يختزنه العقل اللاواعي من معتقدات.

ثانيًا: العقل اللاواعي

العقل اللاواعي هو مخزن الخبرات، والمشاعر، والمعتقدات، والبرامج السلوكية، ويعمل على مدار الساعة دون توقف. وهو المسؤول عن أكثر من 90٪ من سلوك الإنسان.

من أهم قوانين العقل اللاواعي:

قانون البرمجة
كل ما يتكرر ويترافق مع انفعال قوي يتم تخزينه كحقيقة، بغض النظر عن صحته.

قانون عدم التمييز
العقل اللاواعي لا يفرّق بين الحقيقة والخيال، ولا بين ما هو إيجابي أو سلبي، بل ينفذ ما يُغذّى به.

قانون العاطفة
الأفكار المصحوبة بمشاعر قوية تُخزَّن بسرعة وتؤثر بعمق في السلوك.

قانون الصورة الذهنية
الصور الذهنية أقوى من الكلمات، وما نتخيله باستمرار يصبح واقعًا نفسيًا وسلوكيًا.

قانون التكرار
التكرار المستمر للفكرة أو السلوك يحولها إلى عادة راسخة.

العلاقة بين العقل الواعي واللاواعي

العقل الواعي هو الحارس، بينما العقل اللاواعي هو المنفذ.
فكل فكرة يسمح لها العقل الواعي بالمرور، يتبناها العقل اللاواعي ويحوّلها إلى شعور ثم سلوك ثم نتيجة في الواقع.

تطبيقات عملية في الحياة الأسرية والنفسية

الكلمات التي يسمعها الطفل باستمرار تصبح معتقدات تحكم مستقبله.

الحوار الداخلي السلبي يبرمج العقل اللاواعي على الفشل والقلق.

التوكيدات الإيجابية والتصور العقلي أدوات فعالة لإعادة البرمجة.

تغيير السلوك يبدأ بتغيير الفكرة ثم الشعور.

إن فهم قوانين العقل الواعي واللاواعي هو الخطوة الأولى نحو الشفاء النفسي، وتحسين العلاقات الأسرية، وتحقيق التوازن الداخلي. فالإنسان لا يعيش وفق ما يريد فقط، بل وفق ما تمّت برمجته عليه. ومن هنا تأتي أهمية الوعي، والتربية النفسية، والإرشاد الأسري في بناء إنسان سليم الفكر والسلوك.

د. عبدالرحمن عبدالله عوضون
خبير التنمية البشرية
وأخصائي الإرشاد الأسري والاجتماعي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى