من تراب الصعيد إلى ثلوج روسيا..المهندس فام كرم يحفر حلمه في أعماق البترول”

في مكان بعيد عن عدسات الإعلام وضجيج المدن، هناك شاب يُمسك بخيط حلمه كما يُمسك الحفار ببئر البترول… من قلب الصعيد، من “طما” تحديدًا، حيث تنبت الأحلام رغم قسوة الظروف، خرج “فام كرم توفيق” حاملاً حقيبته، وإرثه من الكفاح، وطموحه الذي لا يعرف حدود الجغرافيا.
لم يكن الطريق معبّدًا، ولم تكن الغربة نزهة، لكنها كانت السبيل الوحيد لشاب رأى في هندسة البترول حلمًا لا يقبل التأجيل. واليوم، وبين أروقة جامعة روسية وفي أقسام الحفر والخزانات، يكتب فام فصول قصةٍ عنوانها: “المثابرة تصنع المعجزات.”
من الحرف اليدوية إلى علوم الطاقة
منذ نعومة أظافره، كان فام مغرمًا بالصناعات اليدوية، يقضي وقته بين أدوات النجارة والمعادن، يصنع بأصابعه ما يشبه الفن… تلك المهارات لم تكن مجرد هواية، بل شكّلت جزءًا من شخصيته العملية والمنظمة.
بعد إتمامه الثانوية العامة، قرر أن يسير عكس التيار. لم يُغره البقاء، بل اختار أن يسافر إلى روسيا، ويبدأ من هناك رحلته مع هندسة البترول، تخصص يحتاج عقلًا دقيقًا وقلبًا شغوفًا. وهو ما امتلكه تمامًا.
بين الثلج والحنين.. طالب مصري لا يعرف التراجع
لم تكن روسيا سهلة على شاب قادم من الجنوب؛ لغة جديدة، ثقافة مختلفة، وشتاء لا يرحم. لكن فام لم يكن غريبًا عن التحديات. اعتاد منذ صغره أن يحفر الطريق بيديه، وأن يبني مستقبله لبنة لبنة.
سُرعان ما أثبت نفسه، وتفوق أكاديميًا، وشارك في الأنشطة الطلابية، حتى أصبح بين زملائه رمزًا للإصرار والمثابرة.
بين الحلم والحنين.. عين على الوطن وأخرى على المستقبل
رغم نجاحه هناك، لم ينسَ “فام” بلده وأهله. فهو يطمح للعودة والمساهمة في مشاريع البترول والطاقة، والمشاركة في بناء مصر الحديثة، خاصة في ظل الطفرة القوية التي تشهدها البلاد في هذا القطاع الحيوي.
يحلم أن يكون واحدًا من العقول المصرية التي تعيد للوطن كنوزه المدفونة تحت الأرض، مؤمنًا بأن: “أغلى الثروات لا تُستخرج إلا بالصبر، تمامًا كالأحلام.”
الخاتمة | حكمة من قلب التجربة
قصة فام كرم لا تُلخص في مجرد درجات أو شهادة، بل في الدرس الأكبر الذي يقدمّه:
“من أراد القمة لا بد أن يتحمّل وعورة الطريق، ومن صدق حلمه، صنعت له الحياة سُبلًا لم يكن يراها من قبل.”
هو ليس فقط نموذجًا لطالب مجتهد، بل مرآة لكل شاب في قرى مصر ومدنها، يُعلّمنا أن المسافة بين قرية صغيرة وجامعة عالمية… لا تُقاس بالكيلومترات، بل تُقاس بالعزيمة.