مشاهير

لا تترك اليأس يكتب نهايتك .. فربما تكون على بعد دموعٍ واحدة من بصيصٍ يغير كل شئ

بقلم الكاتب الصحفى أيمن شاكر
نائب رئيس قسم الأدب ✍🏻

شعرتُ مرارًا بأن الدموع ليست سوى ماءٌ يتبخر ، والكلمات مجرد حروفٍ تتهاوى في الفراغ ، وحتى النوم ليس إلا هروبًا مؤقتًا من ألمٍ يعود مع اليقظة. تلك اللحظات التي تشعر فيها بأن الكون يتسع ، لكنك لا تجد فيه مكانًا لك ، ولا شيء يسعك .. لا صديق ، ولا كلمة ، ولا حتى وسادة تحتضن رأسك المثقل. 

في تلك اللحظات ، يصبح الألم كيانًا ملموسًا ، كظلٍّ لا يفارقك ، أو جرحٍ لا ينزف دماً لكنه ينزف روحًا . تحاول أن تبكي فتجد دموعك قد جفّت ، تحاول أن تتحدث فلا تسمع سوى صدى صوتك في الفراغ ، تحاول أن تنام فتجد أن الأحلام لم تعد ملاذًا ، بل أصبحت امتدادًا للواقع المؤلم. تسأل نفسك : كيف وصلتُ إلى هنا ؟ وكيف لي أن أخرج ؟

أحيانًا ، يكون الأقسى هو الشعور بأنك وحيد حتى في وجود الآخرين. تحيط بك الوجوه ، تضجّ حولك الأصوات ، لكنك تشعر بأنك في صحراء لا نهاية لها . لا أحد يفهم عمق ما تعانيه ، لا أحد يدرك ثقل الصمت الذي يحمله قلبك.
تقول لنفسك : ” لو كانوا يعرفون …” ، لكنك تعلم أن الكلمات لن تنقل ما تعيشه ، لأن بعض الأوجاع لا تُترجم . 

في هذه اللحظات ، قد تبحث عن شيء .. أي شيء يمنحك شعورًا بالخلاص ، ولو مؤقتًا . كتاب ، أغنية ، ذكرى قديمة ، أو ربما نظرة عابرة من شخص لا يعرف أن عينيه منحتك شيئًا من الأمل .
لكنك تدرك أن كل هذه الأشياء ليست سوى مسكّنات ، بينما أنت تحتاج إلى علاجٍ جذريٍّ لألمٍ لا تعرف مصدره. 

عزيزى القارئ … هناك أوقات لا يكون فيها الحزن مجرد شعور عابر ، بل يصبح جزءًا منك ، كأنه يُنسج في عظامك ، ويتنفس في رئتيك . تعتاد على وجوده ، حتى أنك قد تشعر بالخوف من فكرة ” الشفاء ” ، لأن الألم أصبح رفيقًا تعرف خطواته ، بينما الفرح قد يبدو غريبًا ، أو حتى مزيفًا. 

لكن في خضم هذا اليأس ، هناك شيء ما يهمس بأن هذه ليست النهاية . ربما لا يكفي البكاء ، ولا يكفي الحديث ، ولا يكفي النوم ، لكن هناك شيء آخر .. شيء لم تجربه بعد . ربما يكون الأمل مختبئًا في زاوية لم تصل إليها ، أو ربما يكون الشفاء قادمًا في لحظة لا تتوقعها. 

فالتاريخ يخبرنا أن أعظم لحظات الإنسانية وُلدت من رحم المعاناة . الشعراء كتبوا أجمل قصائدهم عندما كان القلب ممزقًا ، والمبدعون خلقوا روائعهم وهم يحملون جراحًا لا تُرى . ليس لأن الألم جميل ، بل لأن الإنسان قادر على أن يجد في أعماقه قوة لا يعرفها حتى يصل إلى الحافة. 

ربما أنت الآن في مكانٍ لا ترى فيه النور ، لكن هذا لا يعني أنه غير موجود . قد لا يكفي البكاء. ، لكن الدموع تُذوّب شيئًا من الصدأ في القلب . قد لا يكفي الحديث ، لكن الكلمات تظلّ شمعةً في الظلام . قد لا يكفي النوم ، لكن الأحلام تذكّرنا أن هناك عالمًا آخر ممكنًا.   

فإلى من يقرأ هذه الكلمات الآن وهو يحمل جرحًا لا يراه أحد ، إلى من يشعر بأن العالم ضيقٌ عليه رغم سعته ، إلى من يعتقد أنه سقط إلى القاع.. تذكر أن القاع قد يكون بداية الارتفاع. 

فلا تترك اليأس يكتب نهايتك .. فربما تكون على بعد دموعٍ واحدة من بصيصٍ يغير كل شيء. 💔

سنلتقى إن كان فى العمر بقيه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى