مشاهير

أيمن شاكر يكتب: الشوق القاتل : حين يدفعك الحنين إلى الزواج نحو قرارات تدميرية

بقلم الكاتب الصحفى أيمن شاكر
نائب رئيس قسم الأدب ✍🏻

الحبّ والزواج حلم يراود الكثيرين، خاصة في مجتمعاتنا التي تُعلي من شأن العائلة وتجعل من الزواج غايةً يُسارع إليها الشباب والفتيات بمجرد أن تتهيأ الظروف ، لكنّ الخطر كل الخطر أن يتحوّل هذا الشوق العاطفي إلى دافع أعمى يقودك إلى قبول شريك لا يناسبك، فقط لأنّك تخشى الوحدة، أو لأنّك تريد أن تُسكت أصوات المحيطين بك الذين يضغطون عليك بـ”الوقت يمضي” و”العمر لا ينتظر”.
كم من قلوب تحطّمت لأنّ أصحابها استعجلوا الخطوة، وكم من أرواح أُهينت لأنّها لم تتحلَّ بالصبر الكافي لانتقاء مَن يستحقّها.

ليس العيب أن تشتاق إلى بيت دافئ، أو إلى شريك يشاركك الحياة، لكن العيب أن تجعل هذا الشوق سجّانًا يحبسك في زواج تعيس. فالحياة الزوجية ليست مجرد لحظة عابرة، بل هي رحلة طويلة تحتاج إلى توافق في الأفكار، والقيم، والرؤى، وإلا تحوّلت إلى جحيم يومي.
بعض الناس يظنّون أنّهم قادرون على تغيير شريكهم بعد الزواج، أو أنّ “الوقت كفيل بتحسين الأمور”، لكنّ الواقع أثبت مرارًا أنّ الشخص لا يتغيّر إلا إذا أراد ذلك، وأنّ الزواج لا يُصلح إلا ما كان صالحًا من البداية.

لذلك، لا تستهين بعلامات التحذير التي تظهر أمامك أثناء التعارف. لا تتجاهل ذلك الشعور الغامض الذي يخبرك بأنّ شيئًا ما ليس على ما يرام. لا تُسكت صوت عقلك لأنّ قلبك مُشتعل بالعاطفة. فكم من مستعجلٍ دفع الثمن غاليًا : دفعَه سنوات من الندم، دفعَه أطفالًا يكبرون في بيوت مليئة بالصراعات، دفعَه كرامةً أُهدرت في علاقة غير متوازنة. الثمن لا تدفعه وحدك، بل يدفعه كل من يرتبط بحياتك.

لا تخف من أن تسأل، ولا تتردّد في الاستخارة والاستشارة. فالناس من حولك قد يروا ما لا تراه، والخير قد يكون في انتظارك خطوةً أخرى .
فالتأنّي ليس ضعفًا، بل حكمة، والتسرّع ليس شجاعة، بل مغامرة غير محسوبة العواقب. امنح نفسك الوقت الكافي لتعرف من يقف أمامك حق المعرفة، فالشخص المناسب لا يخاف من انتظارك، ولا يضغط عليك لاتخاذ قرارٍ أنت غير مستعدّ له.

وتذكّر دائمًا : الزواج ليس غايةً في حد ذاته، بل هو وسيلة لتحقيق السكينة والحبّ والاستقرار. فإن لم يكن كذلك، فالأفضل أن تبقى وحيدًا على أن تكون مقيدًا بعلاقة تُذيب كرامتك وتقتل أحلامك. فالحياة قصيرة، فلا تجعلها أطول سجنٍ تعيشه فقط لأنّك خفتَ من نظرات الناس، أو لأنّك ظننتَ أنّ الفرصة لن تتكرّر.

فالأقدار لا تأتي إلا بما كتبه الله لك، والصبر على اختيار الشريك المناسب خيرٌ من الندم على اختيارٍ متسرّع. فليكن شوقك دافعًا للتمييز، لا للضعف، ولتكن قراراتك مبنية على الحكمة، لا على اليأس .

سنلتقى إن كان فى العمر بقيه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى