يوجد العديد من النظريات في بداية الخلق اليكم نظرية منهم وهي نظرية معبد بتاح بمنف
Researsher Egyptology/Ahmed Badawy
في فترة مابين عصري الأسرتين الثالثة والخامسة ، عندما كانت مدينة منف العاصمة السياسية لكل البلاد ، كانت هناك ثمة ضرورة عقائدية وسياسية معا لإجراء ضرب من المصالحة بين لاهوت هليوبوليس الذي احتل فيه الإله (أتوم) دور الإله الخالق ، وبين لاهوت منف الذي يتمتع فيه الإله (بتاح) بهذا الدور . وعلى ذلك فقد أعلن عن ثامون مقدس يضم ثمانية آلهة بدءا ب(نون) ونزولا بالإله (نفرتوم) بما في ذلك المعبود (أتوم) ، احتواها جميعا الإله (بتاح) متجسدة أشكالها فيه ، والتي لم تكن إلا (بتاح) نفسه ، (فأتوم) هو بمثابة القلب واللسان معا من الإله (بتاح) ، ومظهر هذا القلب المعبود (حورس) ، بينما مظهر اللسان (تحوت) ، وتعبر الفلسفة المنفية عن ذلك مرددة : (في الأصل تم الخلق من اللسان والقلب باعتباره صورة (أتوم) . ولكن (بتاح الأعظم) حبا الآلهة وأرواحها الفعالة بالحياة بفيض من قلبه ولسانه اللذان توحدا منذ البدء في (حورس وتحوت) واللذان هما (بتاح) بعينه الذي يثف تاسوعه المقدس منه كالأسنان التي هي بذور (أتوم) والشفاه التي هي أصابعه ، لأن أتوم قد ولد من بذرته ومن أصابعه . وما هذا التاسوع إلا الشفاه في فم هذا الذي نطق بالأسماء الأولى للأشياء جميعها التي خلقت (شو وتفنوت) وباقي تاسوعه) .
فبالكلمة المقدسة التي استقرت في القلب ثم نطق بها اللسان خلقت كل الآلهة واستكمل التاسوع . وبهذا النسق خلقت الأرواح الفعالة (kas) (جمع (كا)) والأزواج المؤنثة (Hemset) التي خلقت من لدنها ، ومن الكلمة خرج الطعام والمؤن ، وهكذا خلق أيضا الإنسان ، الذي بأفعاله الطيبة له مايحبه ، وبالرديئة له مايكرهه ، فالحياة توهب لمحبي السلام وللخطاة الموت ولقد قدر لأن يكون (بتاح) أعظم الآلهة ، وأضحى راضيا بعد خلقه لكل الأشياء وللكلمات المقدسة ، وتتخلل نصوص الخليقة للمدرسة المنفية فقرات تقدم في سياقها فهما مدهشا للظواهر الفسيولوجية كما تقرر (أن القلب واللسان لهما للآلهة والبشر والماشية وكل المخلقوات والأشياء الحية ، والقلب يحتفظ بالأفكار بينما اللسان ينطق بالكلمة ، فنظة العين وسمع الأذن وشمة الأنف كلها من القلب . فالقلب مصدر كل معرفة ، منه تنجم المهن والأعمال ونشاط الأيدي والأذرع وكل ماسعى على قدميه ، وكل حركة للأعضاء التي تصدع بالأوامر التي يفكر فيها القلب وينطق بها اللسان والكلمات التي تعطي أثرها في إنجاز كل الأشياء) .
وهنا تبدو قصة بدء العالم الذي خلقه (بتاح) معروضة في أسلوب فكري رفيع ففكرة الخلق تبدأ في العقل أو القلب ثم يتحقق من خلال الكلمة المنطوقة للسان أو الأمر ، وما الآلهة الأخرى إلا اللسان والقلب والأسنان والشفاه للإله (بتاح) .
ورغم مرور ألفين من الأعوام على تبلور وصياغة هذا اللاهوت الأسطوري لمنف فإنه قد احتفظ بأهميته ، لدرجة أن الملك النوبي (شباكا Shabaka) أمر بنقله من على خطوط بردي مهشم لينقش على لوحة من الحجر الأسود الصلد ، والحق أن هذا التكوين اللاهوتي ليس له أي مقابل في مثل هذه الفترة المبكرة من تاريخ البشرية✌ .(في المرة المقبلة سنتحدث عن نظرية الاشمونيين في نفس الموضوع #Badawy)
#Badawy
هذة الصورة لبقايا المعبد الذي وجدت في الجيزة