مشاهير

إحذر ما تزرعه في حديقة عقلك .. فالكلمات كالبذور : منها تنبت الأزمات ، ومنها تُجنى الثمار

بقلم الكاتب الصحفى أيمن شاكر
نائب رئيس قسم الأدب ✍🏻

الحياة مرآة تعكس ما نحمله في داخلنا من أفكار ، وما نُردده لأنفسنا من كلمات . ليست هذه الكلمات مجرد أصواتٍ عابرة ، بل هي أدوات نحت تنقش على صخرة الواقع ملامس مصيرنا. فكما يقول الحكيم :
“من تمارض مَرِض ، ومن تفاقر افتقر ، ومن تذلل ذُل ، ومن تهاون هان ، ومن اعتز عز ، ومن استحصن حُصن ، ومن استعصم عُصم ”
ليست هذه العبارات سرداً لسُنة الحياة فحسب ، بل إنها إعلانٌ صريح بأن الإنسان ابن أفكاره ، ونتاج الحوار الذي يدور في أعماقه بين اليأس والأمل.

إن ما نُكرره في سرنا يصبح جزءاً من حقيقتنا فمن يغرس في ذهنه فكرة الضعف ، تتحول إلى عدوه الخفي الذي يسرق طاقته ، ومن يردد كلمات الفقر ، تُصبح يداه مقيدتين عن إمساك فرص الوفرة . العقل البشري لا يفرق بين الواقع والخيال حين يتعلق الأمر بالإيمان الداخلي ؛ فما تعتقده يصبح قانونك الشخصي ، وما ترسله إلى الكون يعود إليك مُضاعفاً.

ليست القوة في الظروف التي تواجهنا ، بل في الرواية التي نرويها لأنفسنا عنها ، فالإنسان الذي يرى في الصعوبات فرصةً لاختبار صلابة إرادته ، يختلف جذرياً عن ذلك الذي يراها نهاية المطاف . الأول يبني من الأزمات سلماً يصعد به ، والثاني يحولها إلى قفص يُقيّد أحلامه . الفرق بينهما ليس في ما يمران به ، بل في ما يختاران قوله وسط العاصفة.

الكرامة والذل ، الغنى والفقر ، الصحة والمرض ، كلها نتائج لا تنفصل عن الحوار الداخلي . فمن يسمح للخوف أن يكون لغتهة ، سيجد الحياة تتكلم معه بلغة القسوة ، ومن يختار أن يكون شجاعاً حتى في صمته ، سترتجف المصاعب أمام إصراره ، الحصن الحقيقي ليس في الهروب من التحديات ، بل في إيمانك بأنك أقوى منها ، وأن كلماتك ستظل درعاً يحميك حتى لو انكسرت السيوف.

في النهاية ، تذكّر أن الحياة ليست إلا حوارًا طويلًا بينك وبين ذاتك . كل همسة ترددها في سرك ، كل جملة تكررها في صمتك ، هي إبرة تحيك نسيج وجودك . فاحذر ما تزرعه في حديقة عقلك ، فالكلمات كالبذور : منها تنبت الأزمات ، ومنها تُجنى الثمار . واعلم أنك في كل لحظة تقف على حافة الاختيار بين أن تكون عبدًا لأوهامك ، أو سيدًا لكلماتك ، فاختر كلماتك كما تختار مصيرك ، فهي القوة التي تصنع منك إنسانًا … أو تُلغيك .

سنلتقى إن كان فى العمر بقيه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى