“الحوار في زمن الانقسام: من التنازع إلى التفاهم”
"صوت المثقف بين ضجيج العالم وصمت الذات"
الحوار في زمن الانقسام: من التنازع إلى التفاهم
بقلم: Tamer Nagy Almowafy – ملهم من أرض مصر
في عالمٍ يزداد فيه الصخب وتكثر فيه الفواصل بين البشر، لم يعد الحوار ترفًا فكريًا أو مجاملة اجتماعية، بل أصبح ضرورة وجودية تحفظ بقاء الإنسان في مواجهة العزلة والانقسام. إن أزمة هذا العصر ليست في كثرة الأصوات، بل في انعدام الاستماع، وفي غياب النوايا الصادقة للفهم لا للغلبة.
مفهوم الحوار لم يعد يقتصر على التبادل اللفظي، بل أصبح فعلًا حضاريًا يترجم الاحترام والتنوع والاعتراف بالآخر. في ظل الأزمات العالمية، والحروب الناعمة، والانغلاق الثقافي، يبرز الحوار كجسرٍ لا غنى عنه، يعبر فوق نيران التحزّب والتمييز، ويقود نحو أرضٍ أرحب من التفاهم الإنساني.
فالحوار الإيجابي ليس مجرّد كلمات، بل هو بناءٌ متين من خمس دعائم:
النية الصادقة
الاحترام المتبادل
الاستماع النشط
الاعتراف بالخطأ
والتسامح الفكري
ولعل أخطر ما أصاب مجتمعاتنا هو تحوّل الحوار إلى “جدل”، والاختلاف إلى “صراع”، والرأي الآخر إلى “عدو”. إن تجاهل الحوار يخلّف فجوات في النسيج الاجتماعي، ويغذي بذور الانقسام، ويفتح أبواب الكراهية تحت شعارات الحرية والحق.
هنا تبرز مسؤوليتنا كمثقفين ومفكرين وكتّاب في إعادة ترميم جدران الثقة المهدّدة، لا عبر الخطاب العالي أو الإدانة، بل عبر النموذج: أن نُجسّد بأنفسنا معنى الحوار. أن نمارسه في كتاباتنا، في مناقشاتنا، في تفاعلنا اليومي.
الحوار ليس غاية فقط، بل أداة بناء:
يبني وطنًا يقبل تنوعه
وعقلًا يتسع لاختلافه
وإنسانًا لا يخاف الآخر، بل يفهمه.
فهل نملك الشجاعة لنفتح نوافذ ا
لحوار قبل أن تُغلق أبواب الرحمة؟