المستشار محمد طلبه شعبان يكتب ( قاضي الشعراء )في ضيافة رؤساء المجلس الأعلى للقضاء المحترمين.. وفنجان الحِيف.
المستشار محمد طلبه شعبان يكتب :
( قاضي الشعراء )في ضيافة رؤساء المجلس الأعلى للقضاء المحترمين.. وفنجان الحِيف.
================
الزمان كان مساء يوم الجمعة الموافق ١٤ مارس ٢٠٢٥ ؛
عقب أداء صلاة الجمعة رفقة أولادي المهندس عمر ، والطبيب أحمد ، في المسجد الكائن برأس السالمية القريب لشقتي التي خصصتها لنا الحكومة الكويتية ، ذهبنا بسيارتنا الخاصة إلى السوق المركزي الأشهر في الكويت ( سيتي سنتر ) وتسوقنا بعض الأغراض .. وعُدنا إلى شقتي وتناولنا طعام الإفطار ثم عاونتني زوجتي الكريمة – طبيبة النساء المعروفة – على تناول أدوية السكر والضغط المعتادة .. مضى بنا الوقت في محادثات هاتفية مع عدد من كبار قضاة النخبة الكويتية .. كان ختامها دعوة ضيافة كريمة تلقيتها من معالي المستشار الجليل / محمد جاسم بن ناجي القناعي ( المكنى بأبي جاسم ) ، رئيس محكمة التمييز رئيس المجلس الأعلى للقضاء رئيس المحكمة الدستورية العليا الموقر (مؤسس القضاء الإداري والدستوري بالكويت) .. وبُعيد صلاة المغرب وصلت سيارة فارهة إلى أسفل شقتي الكائنة ب (الدور الخامس ) من البرج الأخضر المطل مباشرة على مياه الخليج الدافئة .. وانطلقت بنا السيارة في أجمل وأرق وأنسم أيام الكويت ( مارس ٢٠٢٥) .. ما هي إلا بضع دقائق كانت كافية للوصول عبر الدائري الخامس إلى ديوان الضيافة بالجابرية .. تفاجأتُ بحضور أعلام القضاء الكويتي :
معالي المستشار الجليل /
• يوسف المطاوعة ( المكنى أبا أحمد ) ..
ثم معالي المستشار الجليل /
• فيصل المرشد ( المكنى أبا غازي )
رؤساء محكمة التمييز رؤساء المجلس الأعلى للقضاء رؤساء المحكمة الدستورية العليا بدولة الكويت السابقين .
ياالله ..ياالله ..ياالله.. أي فرحة .. وأي مجد .. وأي رفعة ، حين تجد نفسك في الضيافة الخاصة لهؤلاء العظام ؟ وما أدراك ما هم ؟؟ إنهم الثلاثة الكبار الذين إن حظي المرء – أيا كان – بمجرد السلام عليهم فلابد أن يسجل هذا التاريخ في السجلات الخاصة ويتفاخر بذلك.. علم ..وتواضع ..وضمير وعدل ..وشجاعة ووطنية وفوق كل ذلك حب وتقدير لمصر والمصريين قلّ أن تجتمع في غيرهم .
رباااه .. رباااه .. ماذا يمكن أن أكتب للتاريخ أو أحكي لأولادي وأحفادي عن تلك اللحظة العظيمة التي يعلم الجميع أهميتها وحساسيتها ؟؟
كان الاستقبال مختلفاً .. قلوب تتعانق وأيادٍ تتقابض واشتياق ووحشة تخالطها كل مشاعر التقدير والإكبار.. رائحة الطِيب والبخور تعبق المكان..الكلمات تزاحم الضحكات وتغالب مشاعر نقية ترتسم على ملامح قضاة كبار تهتز لمهابتهم القلوب قبل المنصات ولا تتسع لقاماتهم الدنيا كلها .. بضع لقيمات بطعم المحبة الطازجة والصدق المنزه عن كل مظاهر الخبث والتلون والغدر والخداع .. رائحة القهوة العربية الأصيلة تنفذ إلى أعماق مزاجنا .. الفناجيل تستدعي معاني النخوة العربية للضيافة.. لم نقف كثيرا عند فنجان (الهيف ) ولا فنجان (الضيف ) ولا فنجان (الكيف) بل كان لفنجان ( الحِيف ) النصيب الأكبر في الحديث .. أبدت القامات القضائية الكبرى دهشتها من الثقافة البدوية الكويتية التي ترسخت لدينا حين لوَّحتُ لهم – مازحاً – بالامتناع عن شرب القهوة العربية إلا بعد التعهد برفع ( الحيف والضلال والإفك )الذي أصبح حديث الأوساط القضائية والحقوقية منذ ٢٠٢١ وحتى ٢٠٢٥ .. فتبسم المضيف ( كبير عائلة القناعات ربيب الأصل والشرف ) قائلا :
لقد رفع حيفك وأكرمك صاحب السمو الأمير شخصياً يا ابا عمر ولم يعد لامتناعك عن شرب قهوتنا مبرر ، فقلت لهم صدقتم :
أطال الله في عمر صاحب السمو الأمير وأعانه واخوانه لما فيه الخير والعدل والحق لبلدنا الثاني الكويت..
تبادلنا الضحكات الصافية وشربنا فنجان الحِيف .. وطافت مع القهوة الكويتية التمور الفاخرة وتنوعت أصنافها واختلفت مذاقاتها .. جلسة رائقة اختصرت زماناً وسجلت تاريخاً جديداً للنخوة والشهامة لدى الكويتيين الشرفاء .. صوت المؤذن في المساجد القريبة ينادي لصلاة العشاء .. وقفنا خلف قاضي القضاة النبيل صاحب الديوان .. فرغنا من الصلاة .. ترانيم الحوقلة والتسابيح لا تبارحنا .. سحائب الاستغفار والخجل من الله تحوم في الأجواء .. فما وقع من ( الشيطان ) كان زلزالا مدوياً يبيح الجهر بالسوء من القول ؛ ولكن اليقين والثقة وحسن الظن بالله وحكمته كانت أثقل في الميزان وأربى في الأجر فأغنانا الله بفضله وكرمه وجعل الفترة من اكتوبر ٢٠٢١ وحتى إبريل ٢٠٢٥ محطة بارزة في تاريخ النظام القضائي وعلامة مضيئة في مسيرتنا الخاصة يحكي عنها المخلصون لأجيال القضاة في الأنظمة القضائية العربية ونرويها نحن (موثقة ) بكل فخر واعتزاز لأولادنا وأحفادنا لكي يعلموا ويفخروا بأنهم ينتسبون لقاض مصري شجاع تولى أرفع المناصب القضائية وسار على خطى سلطان العلماء وقاضي القضاة : العز ابن عبد السلام وكتب مع الفضيلة والعدالة ميثاقا غليظا ولم يخش في الحق باغٍ ولا عادٍ ولم ترهبه الحسابات الوهمية ولا من يقف وراءها ؛ فكتب الله له الانتصار على الذهب والسيف معاً .
ولأعظم القضاة الكويتيين قاطبة :
معالي المستشار الجليل /
فيصل المرشد
ومعالي المستشار الجليل :
يوسف المطاوعة
ومعالي المستشار الجليل /
محمد جاسم بن ناجي
رؤساء المجلس الأعلى للقضاء رؤساء محكمة التمييز رؤساء المحكمة الدستوريةالمتعاقبين أقول لمعاليكم بكل محبة وامتنان :
ستبقى لحظات احتفاؤكم بنا مساء يوم الجمعة الموافق ١٤ مارس ٢٠٢٥ تعدل بل و تزيد في الميزان كل سنوات عمري العشرين التي أمضيتها بينكم شامخاً على منصات القضاء الكويتي.. فأنتم ملح الكويت النقي وروح الكويت الأمين وضمير القضاء النزيه .. أنتم – عندي وعند كل شريف -أغلى من بترول الكويت وذهب الكويت وكل ثروات الكويت .. أنتم الهامات الإنسانية السامقة والقامات القضائيةالكبرى.. أكبر من أن يمدحكم مادح مُحب ولو كان ( قاضي الشعراء ).. وأعلى وأرفع من أن يطاولكم أي دَعي ُّمهما بلغ به الإفك والغرور والحقد .. فمناقبكم فوق الشِعر وفوق النثر وفوق الرصد وفوق الحصر .. ولا أجد ما يُعبر عن تقديري وامتناني لكم إلا ( قُبلة فوق الرأس ) لأنكم رؤوس كبيرة وتعرفون لقُبلة الرؤوس معناها ومبناها.
والسلام .
قاضي الشعراء المستشار / محمد طلبه شعبان
( القاضي بمحكمة الاستئناف رئيس المكتب الفني للمحكمة الكلية وعضو لجنة الحراس القضائيين بدولة الكويت السابق )