اخبار اليوم

أيمن شاكر يكتب : الجِميل الذي تحول إلى ضريبة : قطر تدفع ثمن الهبة بأمنها

بقلم الكاتب الصحفى أيمن شاكر
رئيس قسم الأدب ✍🏻

في المسرح المعقد للعلاقات الدولية ، حيث تتداخل المصالح مع المبادئ ، وتُنسج التحالفات بخيوط من ذهب وأحياناً من حديد ، تبرز قصة الهبة القطرية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب والضربة الإسرائيلية اللاحقة في الدوحة كحكاية رمزية تفضح التناقض الصارخ بين مظاهر الود وجوهر القوة.

♦️فما إن أعلن في مايو 2025 عن منح قطر طائرة رئاسية فاخرة تزيد قيمتها على 400 مليون دولار للرئيس ترامب ، حتى بدأت التساؤلات تثار حول حقيقة هذه “الهدية” ودوافعها. لم تكن هذه الطائرة مجرد وسيلة نقل فاخرة ، بل كانت رسالة سياسية محكمة تحمل في طياتها أبعاداً استراتيجية عميقة .
من ناحية ، هي استثمار في علاقة مع رئيس أمريكي يعيد تشكيل التحالفات الإقليمية ، ومن ناحية أخرى ، محاولة لشراء نفوذ في أروقة القوة التي قد تحدد مصير المنطقة.

♦️لكن المفارقة الصادمة جاءت بعد أشهر فقط ، عندما منح ترامب الضوء الأخضر لإسرائيل لتنفيذ ضربات عسكرية داخل العاصمة القطرية. هذا التحول من التكريم إلى التصعيد ، لم يكن مجرد تغير في المواقف ، بل كان بروداً سياسياً صرفاً يذكرنا بحقيقة العلاقات الدولية :
ففي ساحة السياسة العالمية ، الهدايا نادراً ما تكون مجانية ، والجميل قد يتحول بين ليلة وضحاها إلى ورقة ضغط.

♦️التحليل المتعمق لهذه الأحداث يكشف عن إشكاليات أعمق تتعلق بأخلاقيات الحكم وتضارب المصالح ، فكيف يمكن لرئيس دولة أن يقبل هدية بهذه القيمة من حكومة أجنبية ، ثم يتخذ قراراً مصيرياً يؤثر على أمنها وسيادتها ؟
التساؤل يظل معلقاً في فضاء السياسة الدولية ، حيث تذوب الحدود بين الشخصي والرسمي ، والمصلحة الفردية والهدف الوطني.

♦️التاريخ يخبرنا أن الهدايا الثمينة في العلاقات الدولية نادراً ما تكون بريئة ، بل غالباً ما تأتي بسلسلة من التوقعات والالتزامات الخفية. لكن قصة الطائرة القطرية والضربة الإسرائيلية تذهب إلى أبعد من ذلك ، لترسم صورة قاتمة عن مستقبل الدبلوماسية الدولية ، حيث تصبح الهدايا الفاخرة عملة للتبادل السياسي ، والجميل سلعة للمساومة.

♦️الأكثر إثارة للقلق أن الضريبة الحقيقية لمثل هذه التبادلات لا تدفع في قصور القادة أو على مائدة المفاوضات ، بل تدفع على أرض الواقع ، بدماء المدنيين واستقرار الدول . فتحول الدوحة – التي كانت مضيفة لمفاوضات السلام – إلى ساحة لعمليات عسكرية بموافقة واشنطن ، يمثل تغيراً جوهرياً في المشهد الجيوسياسي للمنورة.

♦️في الختام … تبقى هذه الحالة نموذجاً صارخاً لتحولات السياسة العالمية في القرن الحادي والعشرين ، حيث تتداخل المصالح الشخصية بالاستراتيجيات القومية ، وتتقاطع الهدايا الثمينة مع القرارات المصيرية. قصة الطائرة والضربة تذكرنا بأن في السياسة الدولية ، القيم والأخلاق قد تكون أول الضحايا عندما تدخل المصالح الشخصية على الخط.

🎯فهل نستطيع  أن نتعلم من هذه الدروس أن المبادئ يجب أن تكون فوق كل اعتبار ، أم أننا سنظل ندور في حلقة مفرغة من التبادلات المادية والضربات المعنوية ، حيث تُشترى الذمم وتُرهن القرارات ، وتُدفع فاتورة الأطماع من دماء الأبرياء واستقرار الشعوب ؟

فهل من متعظ ؟

سنلتقى إن كان فى العمر بقيه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى