إياك والفراغ … فالأيام العجاف لا ترحم الضعفاء

بقلم : أيمن شاكر
رئيس قسم الأدب
في لحظةٍ ما ، بينما أنت غارقٌ في هدوء راحتك ، مُعتادٌ على دفء الفراغ ، ستسمع صوتًا خافتًا يهمس : –
هل أنت مستعدٌ لأن تُسرق منك أحلامك ؟
قد تظنها مجرد وَهْم ، لكنها الحقيقةُ القاسية ؛ فالعالم خارج منطقة الراحة لا ينتظرُ أحدًا ، والأيام العجاف قادمةٌ لا محالة ، تحمل معها رياحًا تُذبل كل ما لم يُغرس بعمق.
فالفراغ ليس مجرد وقتٍ لا تُنجز فيه شيئًا ، بل هو مستنقعٌ تذوب فيه إرادتك ، وتتآكل أحلامك ، فحين تعتاد الراحة ، تصبح كالغريق الذي يرفض إنقاذ نفسه خوفًا من أمواج البحر ، فيترك الميدان للآخرين يبنون ، وينهضون ، بينما أنت تكتفي بالتنظير من بعيد .
تذكر دائماً :- الخوف لا يمنع الموت ، بل يمنع الحياة
فالشجرة القوية لا تخشى العواصف ؛ لأن جذورها إمتزجت مع الأرض ، وصارت جزءًا من صلابتها. هكذا أنت !
فهذه المرحلة ليست زمنًا للاسترخاء ، بل للتصقل ، فكل ضربة تُزيل منك ضعفًا ، وكل تحدٍّ يُضيف إلى جذورك عمقًا ، فلا تكن كالعشب الذي ينحني مع أول نسمة ريح ،
فـ ” الضعف اختيار ، والقوة قرار ” .
وستأتي عليك أيامٌ ، تشعر فيها أن أفكارك سُجنت ، وأن ما زرعتَه من أملٍ ذبل فجأة ، لكن هل تعلم سرَّ الشجرة الذابلة ؟ إنها لا تموت ، بل تُخزن قوتها في جذورها ، وتنتظر لحظة انطلاقٍ جديدة . فلا تيأس إن سقطت أوراقك ، فالربيع قادم.
” فليس المهم كم مرة سقطت ، بل كم مرة نهضت”
فهذا ليس وقتًا للحزن أو الخضوع ، ولا مساحة للتفاهات والفراغ ، إنه زمنُ الإعداد السرّي ، حيث تُدخر القوى ، وتُشحذ المهارات . فحاول أن تتخيل نفسك بطلًا في فيلمٍ صامت ، يُعدُّ عدته خلف الكواليس ، ثم يظهر فجأةً ليُبهر الجميع.
فالنجاح لا يحتاج إلى ضجيج ، بل إلى عملٍ صامتٍ يهز العالم
فقبل أن تضع يديك على ركبتيك مستسلمًا ، تذكر دائماً أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة .. ولكنها تمطر تحدياتٍ تصنع من العاديين أبطالًا.
فلا تترك الفراغ يسرقُ منك لحظة مجدٍ ، ولا تسمح للراحة أن تكون قيدًا تُصفّد به أحلامك.
فقمْ … فالأرض تحتك ، والسماء فوقك ، والله معك.
واسأل نفسك : هل أنت مستعدٌ لأن تكون سنداناً لا تُقتلع ، أم الغبار الذي تذروه الرياح ؟
فكن بخير ما استطعت … فالحياة معركةٌ ، والمجدُ للثابتين .
سنلتقى إن كان فى العمر بقيه