الاعتدالية… ميزان الحياة النفسية والاجتماعية
كتب ـ ريم احمد
الاعتدالية… ميزان الحياة النفسية والاجتماعية
الاعتدالية مفهوم واسع ومتعدد المعاني، يختلف باختلاف السياق. ففي اللغة تعني التوسط والعدل وتبنّي مواقف متوازنة بعيدة عن الإفراط والتطرف. وفي الحياة اليومية تُستخدم للدلالة على ضبط النفس والقدرة على تنظيم السلوك والمشاعر دون تجاوز أو تقييد مبالغ فيه.
ومن منظور نفسي، تُعد الاعتدالية حجر الأساس لحياة صحية ومتوازنة. فحب الذات مثلًا ضرورة لبناء علاقة إيجابية مع النفس، وتعزيز الثقة، وتكوين صورة ذاتية داعمة تدفع الفرد نحو الإقبال على الحياة والتفاعل الاجتماعي وإدراك قيمته. لكن حين يتحول حب الذات إلى إفراط، قد يتطور إلى أنانية أو نرجسية، تجعل الفرد معزولًا ومنبوذًا اجتماعيًا.
وينطبق الأمر ذاته على التفكير؛ فالتفكير عملية عقلية ضرورية للتخطيط واتخاذ القرارات وتحسين الأداء. إلا أن الإفراط فيه يؤدي إلى ما يُعرف بالتشوهات المعرفية، واجترار الأفكار السلبية، والاستغراق في الماضي والمستقبل بصورة قهرية تعيق جودة الحياة وتُدخل الفرد في دائرة لا تنتهي من القلق والتوتر.
كما أن المثالية المعتدلة تمنح صاحبها مرونة وتسامحًا وتقبلًا لذاته وللآخرين، بينما يؤدي التمسك المفرط بالكمال إلى الشخصية الوسواسية التي لا تتسامح مع أبسط الأخطاء، سواء من الذات أو من المحيطين. وينسحب الأمر على النظام والنظافة؛ فالاعتدال فيهما يعكس اتزانًا صحيًا، أما التطرف فقد يتحول إلى وسواس قهري يرهق الفرد ويعطل يومه.
وفي مجال العمل، تضمن الاعتدالية حياة متوازنة، وضغوطًا مقبولة، مما يدعم الإنجاز والإبداع والازدهار، بخلاف الإفراط الذي يستنزف الطاقة ويضعف الإنتاجية على المدى البعيد.
فالاعتدالية تعمل كميزان دقيق، إذا اختل أثر على حياتنا نفسيًا واجتماعيًا ومهنيًا. هي ضمان لجودة الحياة، لأنها تعني حب الذات وتقديرها دون تجاوز حقوق الآخرين، وتعني تقبّل الآخرين باعتبارهم بشرًا يخطئون ويصيبون. وهي أيضًا تفكير مخطط بحدود صحية تسمح بالفعل والمتابعة والتطور، ومثالية تقوم على التعلم من الأخطاء لا إنكارها.
لذلك، علينا أن نزن حياتنا بميزان الاعتدال والعدل، مع أنفسنا ومع الآخرين، لنحيا بتوازن ووعي وطمأنينة











