
بقلم : أيمن شاكر
نائب رئيس قسم الأدب
الحياة قد تُخدعنا أحيانًا بضوضائها وزحامها ، فنتصرف كأننا في سباق ماراثون ، نركض بلا توقف ، نسقط ونقفز سريعًا كأننا نحمل راية ” البطل الذي لا يكل ” ، لكن الحقيقة المُرة هي أن السقوط المتكرر ليس دليل قوة ، بل قد يكون دليلًا على غياب الحكمة . نعم ، أنت بطل ، لكن استعجالك قد يحوّلك من فارس إلى جريح يتخبط في دوامة الأخطاء ذاتها . فالحياة ليست مضمارًا نتنافس فيه على من يصل أولًا ، بل هي رقعة شطرنج، كل خطوة تُخطط لها بتروٍّ تحمي بها ملكك من السقوط .
مشكلتنا ليست في السقوط ، بل في استعجال النهوض ! حين تتعثر ، لا تندفع كالريح لتعويض ما فات ، بل أجلس قليلًا مع جرحك . اسأل نفسك: لماذا سقطت ؟ هل لأن الأرض كانت وعرة ؟ أم لأن خطواتك كانت متسرعة ؟ انظر إلى أخطائك كمرايا تعكس نقاط ضعفك ، لا كشواهد على فشلك . فالشجاعة الحقيقية ليست في الاختباء وراء شعار ” أنا بخير ” ، بل في مواجهة الحقائق المؤلمة ، وإصلاح ما أفسدته العجلة.
في لعبة الشطرنج ، لا يُهزم اللاعب لأن خصمه كان أسرع ، بل لأن خصمه كان أكثر وعيًا بتحركاته . هكذا الحياة ، فالأذكياء لا يخافون من البطء ، بل يخشون التكرار الأعمى للخطأ . لا تستهن بقوة ” التأمل ” ، فالنفس العميق الذي تأخذه قبل النهوض قد يكون بوابة لاستراتيجية جديدة ، لحركة أكثر أمانًا ، لمسارٍ لا تعرف فيه الحفر نفسها التي أوقعتك مئة مرة.
قد يقول البعض : ” الوقت لا ينتظر ” ، لكن الحكيم يعرف أن الوقت يُهدر أكثر حين نضيعه في تصحيح أخطاء كنا سنتجنبها بالتفكير ، ليس العيب أن تسقط ، العيب أن تسقط وأنت تعرف سبب السقوط وتتجاهله ! فكلما أسرعتَ في النهوض دون وعي ، اقتربتَ من السقوط الأبدي.
في النهاية ، تذكّر :
الناجحون لا يُقاسون بكمية ما قطعوا من طريق ، بل بكمية الحفر التي لم يقعوا فيها مرتين . فلا تُربحك السرعة ، ولا تُعظّمك القفزات العشوائية ، النصر الحقيقي هو أن تسير بثبات ، خطوة تُلو الأخرى ، كأنك تبني سورًا بينك وبين الفشل. الحياة ليست ماراثونًا، بل معبدٌ تُزيّنه حِكَم الساقطين الذين فهموا أن النهوض ( بوعي ) هو أجمل انتصار .
سنلتقى إن كان فى العمر