الحصادُ الجافُّ ليس لعنةً صادفةً ، بل هو نتيجةٌ حتميةٌ لزراعةٍ فاسدةٍ
بقلم : أيمن شاكر
نائب رئيس قسم الأدب
الحياةُ ليست سوى مرآةٌ عاكسةٌ لأفعالنا ، تُرينا ثمار ما نزرعه في تربتها بيدَينا ، فَمَن يبذر بذور الإهمال والقسوة ، ويتركها تُخنَق تحت رمال الأنانية ، أو يَسقيها بماء المَكْرِ والأذى ، لا يَحقُّ له أن يندهش حين يحصدُ سنابلَ يابسةً ، مليئةً بشوك الألم وسموم الندم . فالحصادُ الجافُّ ليس لعنةً صادفةً ، بل هو نتيجةٌ حتميةٌ لزراعةٍ فاسدةٍ ، والسمومُ التي تلوثه ليست سوى انعكاسٍ لِما ألقيناه في جذور الأشياء بِسُوءِ اختيارنا.
فكر في تلك العلاقات الإنسانية التي ذبلت فجأةً ، أو الأحلام التي تحوَّلت إلى رمادٍ ، أو الصحة التي تدهورت دون سابق إنذار … أليس الإهمالُ هو الماءُ الذي نُسقيه لها كل يوم ؟!
نزرع الكلمات الجارحة في قلوب من نحب ، ثم نشتكي من وحشة العزلة . نُهمل أجسادنا وأرواحنا ، ثم نتعجب من هشاشتها ، نَنسى أن الأرضَ لا تُعطي إلا ما تُغذيه ، وأن الزمنَ لا يرحمُ مَن يُهملُ لغته السرية : لغةَ الرعايةِ والوفاءِ.
لكنَّ الجمالَ الحقيقيَّ في هذه الحياة أن الزراعةَ لم تُغلق أبوابها بعد ! فما دام في القلب نبضٌ ، وفي الروح أملٌ ، يُمكنك أن تبدأ مِن جديد.
فحاول أن تقلعْ سمومَ الماضي من جذورها ، واستبدلْها ببذورِ الحُبِّ ، واسقِها بدمِ الصدقِ ، واحمِها بظلِّ الإصرارِ . فالأرضُ كريمةٌ ، لا تخونُ مَن يَعْهَدُ إليها بقلبٍ صادقٍ .
قد تحتاجُ إلى وقتٍ طويلٍ لتنظيف تربتك ، وقد تَجرحُ يديكَ أشواكُ ما أفسدته ، لكنَّ النبتةَ التي ستُزهرُ بعدَ العاصفةِ ستكونُ أجملَ تعويضٍ عن كلِّ ألمٍ.
ليس الحصادُ الجافُّ عقاباً ، بل هو رسالةٌ تُصرخ فينا : ” أنْظِروا إلى أيِّ شيءٍ تتحوَّلُ حياتكم عندما تَخونون زراعتكم !”…
فكنْ أنت الفلاحَ الحكيم الذي يَصنعُ من كلِّ بذرةٍ وَعْداً ، ومن كلِّ غصنٍ تحفةً ، ومن كلِّ حصادٍ ترنيمةَ امتنانٍ .
فنصيحه أيها القارئ الجميل 👇🏻
إذا وجدت حصادك جافاً مليئاً بالسموم ، فتذكَّر زرعتَك كيف أهملتها وأذيتها .
فالسماءُ لا تمطرُ ذهباً ولا فضةً ، بل تُمطر ما زُرع فى الأرض .
سنلتقى إن كان فى العمر بقيه