Uncategorized

الدكتور اشرف درويش

"إهمال نظافة الفم وعدم ازاله الجير مع الاستخدام المزمن لمضادات الحموضة… وصفة مثالية لكارثة هضمية"

مضادات الحموضة تُسكت الألم… لكنها تمنح بكتيريا الفم تصريح عبور مجاني إلى أمعائك

في عالم يتسابق فيه الناس نحو الحلول السريعة، أصبحت مضادات الحموضة جزءًا من الروتين اليومي لعدد كبير من المواطنين، تُتناول كما لو كانت قطعة نعناع بعد وجبة دسمة. المشكلة ليست في الدواء نفسه، بل في القناعة الخطيرة بأن هذه الأدوية آمنة تمامًا مهما طالت مدة استخدامها.لكن الحقيقة التي يغفل عنها الكثيرون—وربما يتجاهلها البعض عمدًا—أن انخفاض حمض المعدة ليس حدثًا بسيطًا، بل تغيير جذري في وظيفة عضو صُمّم لحمايتنا قبل هضم الطعام. فعندما ينخفض هذا الحمض، لا نحصل فقط على راحة مؤقتة من الحرقان… بل نمنح البكتيريا القادمة من الفم تذكرة دخول مجانية إلى الجهاز الهضمي.هنا تبدأ القصة التي لا يحب الكثيرون سماعها:
الفم المهمل، المتروك للجير والبكتيريا والالتهابات، يصبح خزانًا ميكروبيًا ضخمًا. وعندما تتراجع حموضة المعدة بسبب الاستخدام المزمن لمضادات الحموضة، تنتقل هذه البكتيريا إلى الأمعاء، حيث تفسد التوازن الدقيق للميكروبيوم، وتسبب انتفاخات والتهابات وعودة جرثومة المعدة من جديد.والأسوأ من ذلك أن العديد من الأطباء ما زالوا يصفون أدوية الحموضة لشهور طويلة دون الالتفات إلى صحة فم المريض.
هل يمكن أن نهمل مصدراً مباشراً للعدوى داخل أجسامنا؟ نعم، يحدث ذلك كل يوم.إن ما نحتاجه اليوم ليس إيقاف استخدام مضادات الحموضة، بل إيقاف سوء استخدامها.
نحتاج إلى أن نفهم أن الفم ليس مجرد مسرح لابتسامة جميلة، بل بوابة للجهاز الهضمي بأكمله. وأن تنظيف الأسنان وإزالة الجير قد يكونان أهم من تناول أي دواء مكلف لأمراض القولون.هذه ليست دعوة للتخويف، بل دعوة للفهم.
للمرة الأولى علينا أن نعترف بأننا لم نكن نعالج الحموضة وحدها… كنا نعالج أعراضًا لأسلوب حياة كامل يحتاج إلى إعادة تقييم.وحتى يحدث ذلك، سيظل كثيرون يهرعون إلى مضادات الحموضة يوميًا، غير مدركين أنهم يفتحون الباب لضيف غير مرغوب فيه يخرج من الفم ليغزو الأمعاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى