بقلم المستشار/ أحمد محمد أبوزيد مستشار قانوني ومحامي بالنقض والإدارية العليا

بقلم المستشار/ أحمد محمد أبوزيد
مستشار قانوني ومحامي بالنقض والإدارية العليا
“مشاهير التيك توك بين الشهرة الزائفة وسقوط الأقنعة”
في الآونة الأخيرة، ضجت الساحة الإعلامية بخبر القبض على عدد من مشاهير تطبيق “تيك توك” بتهم ثقيلة، تتراوح بين غسيل الأموال وتجارة الأعضاء البشرية. هذه القضايا ليست مجرد أحداث عابرة، بل هي جرس إنذار يقرع بقوة، ليكشف عن الوجه المظلم لوسائل التواصل الاجتماعي حين تتحول من منصات ترفيه وتواصل إلى أبواب خلفية للجريمة المنظمة.
إن خطورة هذه الوقائع لا تكمن فقط في بشاعة الجرائم المنسوبة، وإنما في تأثيرها المدمر على الشباب والمجتمع، خاصة حين تتحول النماذج المريضة إلى قدوات زائفة، تبيع الوهم وتروج للانحراف تحت ستار “المحتوى الترفيهي”.
من الناحية القانونية، فإن جرائم غسيل الأموال تعد من أخطر الجرائم الاقتصادية، كونها تهدف إلى إخفاء المصدر غير المشروع للأموال، وتحويلها إلى أنشطة تبدو قانونية، بما يضر بالاقتصاد الوطني ويمول أنشطة غير مشروعة. أما جريمة الاتجار بالأعضاء البشرية، فهي من أبشع الجرائم التي تمس الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان، ويعاقب عليها القانون المصري بأشد العقوبات التي قد تصل إلى السجن المؤبد أو الإعدام في بعض الحالات، إذا اقترنت بظروف مشددة أو تسببت في وفاة المجني عليه.
القانون في مصر واضح وصارم في هذا الشأن، حيث تنص القوانين الخاصة بمكافحة الاتجار بالبشر وغسيل الأموال على ملاحقة كل من يشارك أو يسهّل أو يتستر على هذه الجرائم، سواء كان فاعلًا أصليًا أو شريكًا أو حتى مروجًا غير مباشر لها عبر أي وسيلة.
لكن المسألة ليست قانونية فقط، بل هي اجتماعية وأخلاقية في المقام الأول. نحن أمام ظاهرة تحتاج إلى مواجهة شاملة:
• تطبيق القانون بحزم على كل متورط مهما كان اسمه أو شهرته.
• توعية المجتمع بخطورة الانجراف وراء المحتوى المسموم، وضرورة حماية النشء من الوقوع في فخاخ الاستغلال.
• إعادة الاعتبار للقيم التي تحمي المجتمع من الانهيار الأخلاقي.
إن سقوط هؤلاء المشاهير ليس نهاية المطاف، بل هو بداية لكشف شبكة أوسع من الفساد، تحتاج منا كدولة ومجتمع أن نتكاتف لاقتلاعها من جذورها. فالقضية ليست “تيك توك” أو غيره من التطبيقات، بل هي غياب الضوابط، وضعف الرقابة الذاتية، وفتح المجال أمام المال الحرام ليصنع نجوماً مزيفين.
وأختم بالقول: الشهرة التي تُبنى على الحرام ستنهار لا محالة، والقانون سيظل السد المنيع أمام كل من تسوّل له نفسه العبث بأمن الوطن وكرامة الإنسان