غزة … صرخة ضمير في عالم صامت

بقلم الكاتب الصحفى أيمن شاكر
رئيس قسم الأدب
في قلب العالم ، حيث تُذبح الإنسانية كل يوم ، تقف غزة شاهدًا على جرحٍ لن يندمل ، تحت الحصار والقصف ، تتحول الحياة إلى كابوسٍ دائم ، والضحايا إلى أرقامٍ تزداد بينما يغيب العدل ويختفي الضمير الإنساني ، ما يحدث هنا ليس مجرد حرب ، بل إبادةٌ صامتة تُرتكب في وضح النهار ، بينما ينشغل العالم بصراعاته الزائفة ، أو يتظاهر بالعمى .
الأطفال الذين كانوا يلعبون بين الأنقاض أصبحوا رمادًا ، والأمهات اللواتي كن ينتظرن بضع أرغفة لإطعام أطفالهن أصبحن ينشدن الشهادة ، والبيوت التي كانت تعبق بذكريات العائلة تحولت إلى قبورٍ جماعية ، والشوارع التي كانت تعج بالحياة صارت مسرحًا للموت ، الدماء تسيل ، والأصوات تُخنق ، لكن الصرخة الأكبر هي صمت العالم .
مَا بَالُ كُلِّ الوَرَىٰ فِي كَهفِهِم نِيَمُ
مَاتَ الضَّمِيرُ بِهِم أَم أَنَّهُم صُمَمُ
غَزَّة تَصِيحُ فَهَل مِن سَامِعٍ لَبَّىٰ
أَينَ المُرُوءَةُ أَينَ الدِّينُ والقِيَمُ ؟
هذا الشعر ليس مجرد كلمات ، بل مرآة تعكس خذلانًا مفجعًا . أين البشرية التي تتغنى بالحرية والعدل ؟ أين الأديان التي تدعو للرحمة ؟ أين المنظمات التي تُنشأ لحماية الضعفاء ؟ يبدو أن الجميع اختار أن يعيش في كهفٍ مريح ، يغمض عينيه عن الجريمة ، ويُصم أذنيه عن الاستغاثة .
لكن غزة لا تموت ، إنها تقاوم بالدم والروح ، ترفض أن تكون ضحية النسيان . كل شهيد فيها يكتب فصلًا من فصول الكرامة ، وكل دمية طفل مكسورة تُذكِّر العالم بأن الشرَّ لا يُهزم إلا بالحق . ومع ذلك ، يبقى السؤال الأقسى : كم من الدماء يجب أن تسيل حتى يستيقظ الضمير العالمي ؟ كم من الصور المؤلمة يجب أن تُنشر حتى تتحرك القلوب القاسية ؟
اليوم ، غزة ليست مجرد مدينة محاصرة ، بل هي اختبارٌ حقيقيٌّ لإنسانيتنا جميعًا ، إن صمتنا هو تواطؤ ، وتجاهلنا هو جريمة . فهل نستحق أن نُدعى بشراً إذا سمحنا لهذا الجرح أن ينزف دون أن نمد يدًا أو نرفع صوتًا ؟
فلا عهدَ لليهود ولا أمانَ لهم .
سنلتقى إن كان فى العمر بقيه