تغير المناخ يهدد الأمن الغذائي العالمي: تحذيرات من أزمة إنسانية محتملة
تغير المناخ يهدد الأمن الغذائي العالمي: تحذيرات من أزمة إنسانية محتملة

تغير المناخ يهدد الأمن الغذائي العالمي: تحذيرات من أزمة إنسانية محتملة
وأوضح التقرير أن الارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة، إلى جانب موجات الجفاف والفيضانات المتكررة، يؤثر بشكل مباشر على إنتاج المحاصيل الرئيسية مثل القمح والذرة والأرز، وهي محاصيل تمثل حجر الأساس لغذاء مليارات البشر حول العالم. كما أن الأعاصير والعواصف المدمرة تزداد حدة كل عام، مما يُلحق أضرارًا جسيمة بالبنية التحتية الزراعية في مختلف القارات.
الجفاف والتصحر: معضلة الزراعة في إفريقيا والشرق الأوسط
من أكثر المناطق تأثرًا بهذه الظاهرة هي القارة الإفريقية والشرق الأوسط. فالجفاف الذي كان يحدث كل عشر سنوات أصبح اليوم يتكرر كل سنتين أو ثلاث، ما أدى إلى تدهور التربة الزراعية وفقدان خصوبتها. وتشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 45% من الأراضي الزراعية في شمال إفريقيا باتت غير صالحة للزراعة التقليدية.
ويقول الدكتور سامي النجار، الخبير في المناخ والزراعة في جامعة القاهرة: “نشهد تراجعًا في معدلات إنتاج القمح بنسبة تصل إلى 30% في بعض المناطق المصرية، والسبب الرئيسي هو ارتفاع درجات الحرارة في فصل النمو، إضافة إلى نقص المياه وملوحتها”. وأكد أن المزارعين يضطرون إلى تغيير أنماط الزراعة التقليدية، أو التخلي عنها كليًا.
نقص المياه وأثره على الري والإنتاج الحيواني
تغير المناخ لا يؤثر فقط على التربة، بل يسبب أيضًا نقصًا حادًا في مصادر المياه العذبة. إذ أن ذوبان الأنهار الجليدية، وانخفاض معدلات تساقط الأمطار، أدى إلى نقص في المياه اللازمة لري المحاصيل وسقي الحيوانات. هذا الوضع أدى إلى انخفاض إنتاج الألبان واللحوم في العديد من الدول الزراعية الكبرى.
وتشير تقارير البنك الدولي إلى أن ندرة المياه ستؤثر على أكثر من 1.6 مليار إنسان بحلول عام 2030، ما سيجعل بعض الدول تعاني من عجز غذائي يصل إلى 70% من حاجتها السنوية، مما سيجبرها على الاستيراد بأسعار مرتفعة في ظل تقلص العرض العالمي.
الزراعة الذكية والتكنولوجيا: هل تكون المخرج؟
في مواجهة هذا الواقع الصعب، بدأت بعض الدول في الاستثمار في “الزراعة الذكية”، التي تعتمد على استخدام الذكاء الاصطناعي، والطائرات المسيّرة، وتقنيات الري بالتنقيط، وتحليل بيانات الطقس للتنبؤ بأفضل أوقات الزراعة والحصاد.
ونجحت هولندا على سبيل المثال في تطوير أنظمة زراعة مغلقة في بيوت بلاستيكية عالية التقنية، تحقق إنتاجًا مضاعفًا للمتر الواحد مقارنة بالزراعة التقليدية. كما تستثمر دول الخليج في الزراعة الرأسية داخل المدن، لتوفير الغذاء محليًا وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
دعوات دولية للتحرك السريع
الأمم المتحدة دعت إلى تحرك دولي عاجل لدعم الدول الأكثر تضررًا، وتوفير تمويلات عاجلة للمزارعين، وإعادة هيكلة نظم إنتاج الغذاء العالمية. كما دعت إلى خفض انبعاثات الكربون ووقف إزالة الغابات، وفرض قيود على الصناعات الملوثة.
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن “اللامبالاة ستؤدي إلى مجاعة جماعية”، مضيفًا أن الأمن الغذائي لم يعد قضية بيئية فقط، بل أصبح قضية أمن قومي وصراع وجودي لكثير من الشعوب.
الخلاصة
تغير المناخ لم يعد تهديدًا مستقبليًا، بل واقعًا يوميًا ينعكس على أطباقنا ومياهنا وبيئتنا. وفي ظل هذا الواقع، يصبح من الضروري إعادة التفكير في أنماط الاستهلاك، وتشجيع الزراعة المستدامة، وفرض إجراءات بيئية صارمة، وإلا فإن أزمة الغذاء العالمية ستكون أقرب مما نتخيل.
تابعونا لمزيد من التغطيات والتحقيقات حول أهم القضايا البيئية والإنسانية في الوطن العربي والعالم.