“سحر البيان”.. الوعي بالكلمة طريقٌ إلى شفاء الإنسان

في عالمٍ تتصارع فيه الضوضاء على المساحات وتضيع فيه المعاني في زحمة الأصوات، تولد من جديد مبادرة “سحر البيان” كصوتٍ مختلف، لا يعلو على أحد، لكنه يسمو بالإنسان إلى ذاته.
من خلال فكرٍ متّزن يجمع بين روح الإيمان ونور العلم، تنسج الكاتبة سحر رضوان مشروعها القائم على فلسفةٍ بسيطة وعميقة في آنٍ واحد:
“الكلمة وعيٌ، والوعي شفاء، ومن شفاء الكلمة تبدأ حياة الإنسان من جديد.”
🌿 فلسفة المبادرة
تؤمن سحر رضوان أن الكلمة ليست مجرد حروفٍ تُقال، بل هي طاقة خفيّة تُغذّي النفس وتؤثر في مسار الإنسان.
فما يقوله المرء لذاته في لحظات ضعفه أقوى أثرًا مما يسمعه من الآخرين في سنوات.
ومن هنا انطلقت “سحر البيان” كمنهجٍ جديد في الوعي النفسي الإسلامي، يدمج بين قوة التعبير وعمق الإدراك، لتجعل من الكلمة وسيلة تربية لا مجرد وسيلة تواصل.
تقوم المبادرة على ثلاثة محاور رئيسية:
1. البيان الداخلي: كيف يتحدث الإنسان مع نفسه، وكيف يعيد صياغة أفكاره بلغة رحيمة بدل لغة جلد الذات.
2. البيان الاجتماعي: كيف نتحدث مع الآخرين بوعيٍ ومسؤولية، فنُبقي للكلمة أثرها الإيجابي في العلاقات.
3. البيان الإيماني: كيف نعيد اكتشاف علاقة الكلمة بالإيمان، فاللسان شاهدٌ على ما في القلب، والنية أصل القول.
💫 الكلمة كعلاج ووعي
تقول سحر رضوان في أحد لقاءاتها:
“نحن لا نُدرّب الناس على فن الخطابة، بل نُعيد تعريف الإنسان بكلمته… لأن الكلمة إن لم تُشفِ صاحبها لن تُقنع غيره.”
وترى أن أغلب اضطرابات الإنسان تبدأ من “حوارٍ داخليٍ قاسٍ” يكرره يوميًا دون وعي.
فإذا تعلّم كيف يُخاطب نفسه بلغة لطفٍ وإيمان، استعاد توازنه النفسي والعاطفي.
ومن خلال جلسات “سحر البيان”، يتعلم المشاركون كيف يحوّلون الألم إلى حكمة، والهزيمة إلى درسٍ مضيء، وكيف يُصبح الصمت مساحة تأمل لا ضعفًا، والكلمة وعدًا لا سلاحًا.
🌸 من الفرد إلى المجتمع
لم تكتفِ المبادرة بالجانب الفردي، بل وسّعت نطاقها إلى المدارس والجامعات والمراكز المجتمعية.
حيث تسعى لتعليم الأجيال الجديدة قيمة الكلمة وتأثيرها، وتدريبهم على فن الإصغاء قبل فن الإقناع، لأن “البيان ليس في من يتكلم كثيرًا، بل في من يفهم عميقًا”.
وترى سحر رضوان أن إصلاح المجتمع يبدأ من إصلاح لغته، لأن الأوطان لا تُبنى بالحجارة وحدها، بل تُبنى بكلماتٍ صادقة تنبت في القلوب وتثمر في الأفعال.
🌷 الكلمة روحٌ ومسؤولية
في ختام حديثها، تقول سحر رضوان:
“إن الله علّمنا البيان لا لنُزيّن به كلامنا، بل لنرتقي به في وعينا.
الكلمة التي تخرج من قلبٍ صادق لا تموت، بل تظلّ تسري في الأرواح كنسمة إيمانٍ تُعيد للإنسان توازنه وسلامه.”
هكذا تبقى “سحر البيان” أكثر من مبادرة؛ إنها دعوة للعودة إلى الصدق في القول، والرحمة في التعبير، والوعي في التواصل.
فحين يدرك الإنسان أن كل كلمة تخرج منه إمّا تُعالج أو تُؤذي، يبدأ حينها أول فصول الشفاء





