” تعديل السلوك” بقلم الدكتور ” عبدالرحمن عبدالله عوضون” خبير التنمية البشرية والإرشاد الأسري “
* فن التغير نحو الأفضل *

“تعديل السلوك.. فن التغيير نحو الأفضل”
في عالمٍ تتسارع فيه التحديات اليومية، تبرز الحاجة إلى فهم السلوك الإنساني والعمل على تقويمه بما يتناسب مع القيم والمبادئ التي نطمح لترسيخها في مجتمعاتنا. ومن هنا يظهر علم تعديل السلوك كأداة فعالة تُستخدم في التربية، والإرشاد، وحتى في البيئات الإدارية والعلاجية.
ما هو تعديل السلوك؟
تعديل السلوك هو عملية منهجية تهدف إلى تغيير أنماط سلوكية غير مرغوبة واستبدالها بأنماط إيجابية، باستخدام أساليب علمية مدروسة مثل التعزيز، والعقاب، والنمذجة، والإطفاء. ويعتمد هذا المفهوم على مبادئ علم النفس السلوكي، الذي يرى أن السلوك يمكن تعلمه أو تغييره من خلال البيئة والتجارب.
أهداف تعديل السلوك
تتنوع أهداف تعديل السلوك بحسب الفئة العمرية أو البيئة، ولكنها بشكل عام تشمل:
تقليل السلوكيات السلبية (مثل العدوان، الكذب، التأخر، العناد).
تعزيز السلوكيات الإيجابية (مثل التعاون، الصدق، الالتزام).
تطوير مهارات التواصل والتفاعل الاجتماعي.
زيادة الدافعية الداخلية وتحسين الأداء سواء في المدرسة أو العمل.
أساليب فعالة في تعديل السلوك
يعتمد الخبراء والمختصون على مجموعة من الأساليب الفعالة، أبرزها:
التعزيز الإيجابي: مكافأة الفرد عند قيامه بسلوك مرغوب فيه، مما يزيد من احتمال تكراره.
العقاب المعتدل: استخدام أساليب تربوية مدروسة للحد من تكرار السلوك غير المرغوب.
الإطفاء: تجاهل السلوك السلبي حتى يضعف ويختفي مع مرور الوقت.
العقد السلوكي: اتفاق بين الطرفين (المربي أو المعالج والمستفيد) يحدد السلوك المطلوب والمكافآت المترتبة عليه.
التوجيه والنمذجة: تقديم نموذج إيجابي يحتذى به، فالسلوك يُكتسب بالتقليد.
تعديل السلوك في البيئة التربوية
في المدارس والمنازل، يُعد تعديل السلوك ضرورة لا غنى عنها. إذ يمكن للمربين والمعلمين استخدام هذه المهارات لتقويم سلوك الأطفال والمراهقين بأسلوب لا يعتمد على الصراخ أو العنف، بل يرتكز على التفهم والحزم في آنٍ واحد. وتكمن الفائدة الكبرى حين يشعر الطفل أن التغيير ينبع من داخله، وليس مفروضاً عليه من الخارج.
إن تعديل السلوك ليس مجرد علاج لحالات خاصة أو مشكلات آنية، بل هو أسلوب حياة يهدف إلى بناء إنسانٍ أكثر وعياً، مسؤولية، وقدرة على اتخاذ قرارات سليمة. ومع تنامي الوعي بأهمية الصحة النفسية والسلوكية، بات من الضروري دعم هذا المجال وتعميم ثقافته في الأسرة، المدرسة، وسائر المؤسسات