الخيانةُ هى خُروجٌ عن العهدِ ، ونقضٌ للوعدِ ، وانتِهاكٌ لحرمةِ الأمانةِ التي وُضِعت بينَ الإنسانِ وأخيه

بقلم : أيمن شاكر
نائب رئيس قسم الأدب
الخيانةُ لفظةٌ ثقيلةُ الوقعِ على القلب ، تَحملُ في طياتِها جرحًا غائرًا يُهَدِّدُ كيانَ الإنسانِ ويثلمُ ثقتَه بنفسِه وبالآخرين ، فهي ليست مجردَ فعلٍ عابرٍ ، بل زلزالٌ يهزُّ أركانَ العلاقاتِ الإنسانيةِ ، ويتركُ وراءه آثارًا عميقةً يصعُبُ محوُها .
فما هي الخيانة ؟
وما مدى تأثيرِها على الفردِ والمجتمعِ ؟
الخيانة … انكسارُ الثقةِ
الخيانةُ في جوهرِها خُروجٌ عن العهدِ ، ونقضٌ للوعدِ ، وانتِهاكٌ لحرمةِ الأمانةِ التي وُضِعت بينَ الإنسانِ وأخيه ، سواءً كانت خيانةً عاطفيةً بينَ الأزواجِ ، أم خيانةً لصداقةٍ قديمةٍ ، أم خيانةً لوطنٍ أو مبدأٍ ، وفي كلِّ حالاتِها ، تُعتبرُ ضربًا من الغدرِ يُفقدُ الإنسانَ إيمانَه بقدسيةِ الروابطِ الإنسانيةِ.
الآثارُ النفسيةُ … جرحٌ لا يندملُ
لا تقتصرُ آثارُ الخيانةِ على اللَّحظةِ العابرةِ ، بل تظلُّ ذكراها تُلاحقُ الإنسانَ كظلٍّ كئيبٍ ، فمن يُخْدَعُ مرةً يفقدُ جزءًا من براءةِ روحِه ، ويصبحُ أكثرَ تشككًا في نوايا مَن حولَه ، وقد تتحولُ الخيانةُ إلى صدمةٍ نفسيةٍ تدفعُ البعضَ إلى العزلةِ أو الاكتئابِ ، بينما قد تدفعُ آخرينَ إلى الانتقامِ أو تكرارِ نفسِ السلبيةِ في تعاملاتِهم .
وكما قال الشاعر
وَغَدْرَةٍ مِنْ صَديقٍ كُنتُ آمَنُهُ ــ كادَتْ تُلقي بيَ في النَّارِ مِنْ ألَمِ
الخيانةُ وتفككُ المجتمعِ
إذا انتشرَتْ الخيانةُ في مجتمعٍ ما ، أصبحَ أفرادهُ يعيشون في دوامةِ الشكِّ والريبةِ ، فتفقدُ العلاقاتُ الإنسانيةُ بريقَها ، ويضعفُ التكاتفُ الاجتماعي ،
فكيفَ يُبنى مجتمعٌ قويٌّ إذا كان الأخُ يخونُ أخاه ، والصديقُ يطعنُ صديقَه ؟
إنَّ الخيانةَ تُذكي نارَ الفرقةِ ، وتُضعفُ لُحمةَ الأمةِ ، مما يجعلُها آفةً يجبُ مقاومتُها بكلِّ قوةٍ.
الخيانةُ … هل تُولدُ القوةَ ؟
رغمَ مرارةِ الخيانةِ ، إلا أنَّها قد تكونُ درسًا قاسيًا يُعلِّمُ الإنسانَ أن يعتمدَ على نفسِه ، ويُعيدُ تقييمَ اختياراتِه . فالبعضُ ينهضُ من بينِ أشلاءِ جراحِه أقوى مما كان ، مُدركًا أنَّ الحياةَ ليست ورديةً دائمًا . لكنَّ هذا التحولَ الإيجابيَّ لا يحدثُ إلا لمن يمتلكُ إرادةً فولاذيةً ، ويؤمنُ بأنَّ الألمَ ليس نهايةَ المطافِ ، بل محطةٌ لإعادةِ البناءِ.
وختاماً …
الخيانةُ كالسيفِ القاطعِ ، تُدمِّرُ ما في طريقِها ، لكنَّها أيضًا تكشفُ عن حقيقةِ النفوسِ .
” فعند الامتحانِ يُكرمُ المرءُ أو يُهانُ ”
فليكن ردُّنا على الخيانةِ بالحكمةِ ، والاعتبارِ ، والتسامحِ إن أمكنَ ، لأنَّ حملَ الضغينةَ يُثقلُ الروحَ . وعلينا أن نتذكرَ دائمًا أنَّ الشرفَ والأمانةَ هما أساسُ بقاءِ الإنسانيةِ ، وأنَّ الخيانةَ مهما عَظُمَتْ ، فإنَّ نورَ الفضيلةِ قادرٌ على أن يمحوَ ظلامَها.
سنلتقى إن كان فى العمر بقيه