كيف يصبح دعم المنتج المحلي خط الدفاع الأول ضد التضخم المستورد؟

✍️ بقلم: إسلام أحمد الديب
في ظل التقلبات الاقتصادية العالمية وارتفاع تكاليف الشحن واضطراب سلاسل الإمداد، لم يعد مفهوم «دعم المنتج المحلي» مجرد شعار وطني يُرفع في المناسبات، بل أصبح ضرورة اقتصادية واستراتيجية لحماية الاقتصاد الوطني وتعزيز قدرته على الصمود أمام الأزمات الخارجية.
فكل جنيه يُنفق على منتج مصري هو في الحقيقة استثمار في مستقبل الوطن، وخط دفاع أول ضد ما يُعرف بـ«التضخم المستورد».
—
🔹 أولاً: الحصانة ضد الصدمات الخارجية
الاعتماد المفرط على الاستيراد يجعل الاقتصادات المحلية رهينة للتقلبات العالمية، لذلك يمثل دعم المنتج المحلي درعاً واقياً في مواجهة تلك الصدمات، وذلك من خلال:
مواجهة التضخم المستورد:
ترتفع الأسعار المحلية غالباً بسبب زيادة أسعار المواد الخام والشحن عالمياً. وعندما نستهلك منتجاً محلياً، فإننا نقلل من أثر هذه التكاليف المستوردة، مما يساهم في تثبيت الأسعار وخفض معدلات التضخم.
تأمين سلاسل الإمداد:
الاعتماد على الإنتاج الداخلي يضمن توافر السلع الأساسية في أوقات الأزمات العالمية — سواء كانت جوائح أو صراعات جيوسياسية — التي قد تتسبب في تأخير وصول البضائع أو إغلاق الموانئ.
تقليل الضغط على العملة الصعبة:
دعم المنتج المحلي يخفض الطلب على العملات الأجنبية المستخدمة في الاستيراد، وهو ما يحافظ على احتياطي النقد الأجنبي ويدعم استقرار العملة الوطنية.
—
🔹 ثانياً: المحرك الرئيسي للتنمية والتوظيف
دعم المنتج المحلي ليس عملاً وطنياً فقط، بل هو استثمار مباشر في التنمية المستدامة وتحسين أوضاع المجتمع:
خلق فرص عمل جديدة:
كل عملية شراء لمنتج محلي تعني تشغيل مصنع أو ورشة أو مزرعة جديدة، ما يزيد من الطلب على العمالة المباشرة وغير المباشرة، ويحد من البطالة خصوصاً بين الشباب.
تمكين المشروعات الصغيرة والمتوسطة:
هذه المشروعات هي العمود الفقري للاقتصاد الوطني، ودعم منتجاتها يضمن استمرارها ونموها، ويحفز الابتكار وريادة الأعمال في مختلف المحافظات.
رفع الناتج المحلي الإجمالي:
كلما زاد تداول الأموال داخل السوق المحلي، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي وزادت الحصيلة الضريبية، مما يتيح تحسين الخدمات العامة مثل التعليم والصحة والبنية التحتية.
—
🔹 ثالثاً: شراكة بين المستهلك والمنتج والدولة
نجاح هذا التوجه يتطلب تكاتف الجميع في منظومة واحدة متكاملة:
المستهلك (المسؤولية الوطنية):
عليه أن يتخذ قراراً واعياً بتفضيل المنتج المحلي حتى لو كان بفارق بسيط في السعر، إيماناً بأن هذا الفارق هو استثمار في مستقبل بلده.
المنتج (تحدي الجودة):
الدعم لا يعني التهاون في الجودة. على المنتجين المحليين رفع معايير الإنتاج وتحسين التغليف والخدمات ما بعد البيع لضمان المنافسة القوية مع المنتجات المستوردة.
الحكومة (البيئة الداعمة):
على الدولة أن توفر التمويل الميسر، وتبسط الإجراءات، وتحمي الصناعات الوطنية من الإغراق، مع ضمان عدالة المنافسة وجودة البنية التحتية للإنتاج.
—
🔹 ثقافة «صُنع هنا».. الطريق نحو الاكتفاء الذاتي
إن دعم المنتج المحلي ليس مجرد قرار اقتصادي، بل هو تحول ثقافي شامل نحو الاعتماد على الذات.
فعندما نغرس في المجتمع ثقافة “صُنع في مصر”، نكون قد أسسنا لاقتصاد قوي، لا تهزه العواصف العالمية، ويستند إلى سواعد أبنائه وإبداعهم، ويضمن توزيعاً عادلاً لثمار التنمية على الجميع.